زعماء وفنانون وأدباء

کامل الشناوی d. 1376 AH
134

زعماء وفنانون وأدباء

زعماء وفنانون وأدباء

ژانرها

وقد بلغ من فزع شوقي من الموت، أنه كان يطمئن إلى الضجة ويجفل من الهدوء، يحب الشوارع الصاخبة، والأنوار الصاخبة، والأصوات الصاخبة، وكان حريصا على إحاطة اسمه بالضجة والصخب، ضجة المدح، وصخب الثناء، وكان برغم إيمانه بنفسه ، وإدراكه لقيمته الفنية، يتألم من النقد، ويخاف من النقاد، ولقد هاجمه كثيرون من الأدباء والنقاد والكتاب والساسة هجوما عنيفا، فلم يرد عليهم بكلمة صريحة، واكتفى بغمزهم تلميحا في القصائد التي يقولها في مناسبات لا تمت إلى موضوع نقده بصلة من الصلات.

وعندما أصدر الأستاذان العقاد والمازني كتاب الديوان، وهجما فيه على شوقي هجوما قويا جارحا، انبرى بعض الكتاب للرد عليهما، وكان - رحمه الله - يغذي هؤلاء الكتاب بآرائه وأفكاره، وكان حريصا على ألا يظهر معهم في مكان عام، حتى لا يقال إنهم دافعوا عنه بإيعاز منه، وحدث في ذلك الوقت أن وصلت إلى مصر أم المحسنين، والدة الخديو السابق عباس الثاني ومعها رفات ابن عباس، وكان قد مات في سويسرا ودفن هناك، وبعد مرور بضع سنوات على موته، سمح بنقل رفاته إلى مصر، وكان الملك فؤاد قد أوعز إلى حاشيته أن تعلن غضبه السامي على كل من يشترك في استقبال أم المحسنين، أو تشييع جنازة حفيدها.

واستقبلها شوقي بقصيدة قال فيها:

أقبلي كالشمس لم تجعل لها

موكبا أو تتخذ من حاشرين

أقبلي في بحرك الطامي إذا

عبث السيف بموج المحتفين

وكان ينظم القصيدة وهو يرمق خصومه بعين تتميز غيظا فقال:

لا ترومي غير شعري موكبا

إن شعري درجات الخالدين

صفحه نامشخص