============================================================
في أواخر القرن الثالث، أو بواكير القرن الرابع، وإن "أعلام النبوة" كتب بعد سنة 311، وإن "الإصلاح" كتب في الفترة بين سنة 313 و 317. وبقي أن نتعرض لكتابين آخرين؛ هما "الرجعة" و"الجامع" .
وكتاب "الرجعة" ذكره أبو حاتم نفسه في "الزينة" ، في آخر المادة المخصصة ال لفرق. فبعد أن قدم عرضا موجزا لاعتقاد القائلين بالرجعة، قال: "وقد أفردنا لذكرها والرد عليها بالحجج والبراهين كتابا. فمن أحب الوقوف عليه نظر فيه" .
وهذا الكتاب مفقود، ولا أثر له على الإطلاق، لكننا نستطيع أن نتخيل محتوياته من خلال فحص مفهوم "الرجعة" أولا، ومن خلال محاولة استكشاف "الفرقة" الي كان الرازي يريذ نقدها . فأبو حاتم حريص دائما على الاهتمام بالفرق التي كانت لا تزال حية. ولذلك فهو يذكر في الغالب أن الفرقة الفلانية انقرضت، لا وفرقة كذا موجودة في المكان الفلاني . وقد بدأ أبو حاتم عرضه بالقول "إن أول من أحدثوا القول بالرجعة" هم الكيسانية، ثم يستشهد على ذلك بشعر للسيد الحميري (1). غير أن مفهوم "الرجعة" في شعر السيد الحميري الكيساني الصحيح النسبة يقطع بأنه لم يكن يعتقد بأن محمد بن الحنفية سيعود بعد الموت، بل يرى أنه يعود بعد فترة غيابه سبعين عاما، لم يذق خلالها موتأ: وما ذاق ابن خولة طعم موت ولا وارث له أرض عظاما فضلا عن ذلك فإن الكيسانية في القرن الثالث كانت قد انقرضت كفرقة، وإن ظل بعض الأفراد يعتنقونها سرا أو علانية(2) . أما القائلون بالرجعة في عصر أبي (1) لا يثبت الشعر الجعفري للسيد الحميري من الناحيتين اللغوية والتاريخية . والأرجح أن جميع الروايات القائلة بتجعفره تنتهي بإسحاق بن محمد النخعي الأحمر. وقد كان إسحاق النخمي الأحمر عليائيا من الغلاة، ألف للعليائية كتاب "الصراط" . لكنه اضطر إلى الانخراط في الإمامية، والتراجع عن العليائية، فلعنه العليائيون وتبرأوا منه . ولدى النصيرية قداس خاص بلعنه . وفي فترة عودته إلى الإمامية كتب كتابأ عن "أخبار السيد الحميري" . وهذا الكتاب مفقود، ولكن توجد نقول منه في "الأغاني" و"إعلام الورى" وغيرهما من الكتب. ويحتل فهوم "الرجعة" لديه مكانا بارزا في رواياته، لأنه يوفق بين "الرجعة" ، بمعنى عودة محمد بن الحنفية بعد غيبته، لا موته، وعودة جميع البشر بعد الموت. وفي هذا التوفيق يجد متسعا اتمرير بعض الأفكار العليائية من خلال الإمامية . وللتفاصيل مكان آخر . (2) من المؤشرات الدالة على وجود أفراد يعتنقون الكيسانية رواية "ثأر المختار"، وهي رواية
صفحه ۲۹