وقال سفيان الثوري ﵁: سمعت أعرابيًا يقول في الطواف: إلهي من أولى بالتقصير مني وقد خلقتني ضعيفًا، ومن أولى بالكرم منك وقد سميت نفسك رؤوفا، ولك المنة علي وقد عصيتك بعلمك، ولك الحجة علي فبانقطاع حجتي ووجوب حجتك وفقري إليك وغناك عني إلا ما غفرت لي.
وقال بشر بن الحارث ﵁: رأيت شابًا ولع به الوله، وهو يقول هذه الأبيات:
كم زللت فلم أذكرك في زلل ... وأنت يا واحد في الغيب تذكرني
كم أهتك السر جهرًا عند معصيتي ... وأنت تلطف بي حبًا وتسترني
ولا بكيت بدمع العين من أسف ... ولا بكيت بكاء الواله الحزن
وقال بعض السلف الصالحين ﵃: رأيت شابًا في سفح جبل وعليه آثار القلق، ودموعه تنحدر كالموج إذا اندفع، فقلت له: ما أنت؟ فقال: عبد آبق من مولاه، فقلت له: يعود ثم يعتذر، فقال: العذر يحتاج إلى إقامة حجة ولا حجة للمفرط، فقلت: يتعلق بشفيع، فقال: كل الشفعاء يخافون منه، قلت: من هو؟ قال: مولاي، رباني صغيرًا فعصيته كبيرًا، قد حباني من حسن صنعه فقابلته بقبيح فعلي، ثم صاح صيحة عظيمة ودفع مغشيًا عليه، فحرجت عجوز وقالت: من أعان على قتل هذا اليائس الحيران، فقلت: عبدك يعينك عليه، فقالت: دعه ذليلا بين يدي قاتله عسى أن يراه بعين عفوه ورحمته.
وقيل في المعنى شعر:
إلهي لا تعذبني فإني ... مقر بالذي قد كان مني
ومالي حيلة إلا رجائي ... وعفوك إن عفوت وحسن ظني
وكم من زلة لي في الخطايا ... وأنت علي ذو فضل ومن
1 / 36