فقال: تصرم حبلي وفني عمري، ولا حصل لي تقوى الله، ولا انصلح لي شأن، فو الله إنني خائف من فضيحتي منه، إذا نصب الميزان، يا ذا النون، القلب مغلوق، والمفتاح معدوم، والشقاء قد قيد القدمين، والقضاء قد أعمى العينين، وكيف لي بالصلح والباب في وجهي مردود وأنا منه مهزوم ومعبود. فقال ذو النون: يا إلهي، هذا عبدك قد عزم على الصلح، والخير كله بيدك، فناداه المجوسي: يا ذا النون، قد جاء المفتاح من عند الفتاح، فبكى ذو النون بكاء شديدًا، فقيل له: تبكي؟ فقال: إني خائف حين فتح عليه الباب أن يغلق في وجهي. فنودي: ياذا للنون، لا تظن بنا إلا خيرًا.
أقوال الصالحين في التوبة والإقلاع عن الذنوب
وقال أبو يزيد البسطامي ﵁: حججت سنة من السنين إلى بيت الله الحرام، فجعلت أدعو وأتملق تملقًا، وإذا بهاتف يقول: يا أبا يزيد، لو دعوتنا بهذا الدعاء ألف سنة، وحججت ألف حجة ما قبلنا ولا ذرة واحدة، فقلت: لماذا؟ قال: لأنك ترى عملك ولا ترى من استعملك، قلت: يا رب، إذا لم تقبل مني عبادتي ولا عبري، وعزتك لأتقطعن الوصال بيني وبينك، فقيل له: يا أبا يزيد إن كان بيدك فاقطعه، نحن أوصلناك نسيتنا، فقلت: وعزتك لا ألبرح من حرمك حتى أعلم رضاك عني، فقل لي: قل يا أبا يزيد، ما تريد؟ وعزتي وجلالي لو يعلم العالم ما أعلمه من باطنك لرجوك، فقلت: وعزتك وجلالك، لو يعلم العالم ما أعلمه من كرمك ما عبدوك. وإذا بهاتف يقول: يا أبا يزيد، لا نقول ولا تقول، أنت عندنا مقبول.
وقال يحيى بن سعيد ﵁: رأيت رب العزة في المنام، فقلت: يا! لهي أدعوك وأنت لا تستجيب لي، فقال لي: إني أحب أن أسمع صوتك.
1 / 35