بك أن تتغير أمورنا، وتنتقض كنقض العمامة بعد كورها، وهو شدُّها. واحتجوا بأنَّ الحجاج بن يوسف (٦٨) بعث رجلًا أميرًا على جيش، ليقاتل الخوارج، ثم بعث / (١١ / ب) به بعد مدة تحت لواء رجل آخر، فقال للحجاج: هذا الحور بعد الكور. فقال له الحجاج: وما الحور بعد الكور؟ قال: النقصان بعد الزيادة.
وقال آخرون: اللهم إنّا نعوذ بك من الحور بعد الكور، معناه: اللهم إنا نعوذ بك من الرجوع والخروج عن الجماعة، بعد أن كنا في الكور، وهو الاجتماع.
ويقال: قد كار الرجل عمامته على رأسه: إذا شدّها وجمعها، وحارها إذا: نقضها وأفسدها.
ورواه بعض أهل العلم: اللهم إنا نعوذ بك من الحور بعد الكون، بالنون، فسُئل عن معنى ذلك فقال: أما سمعتَ (٦٩) قول العرب: حار بعدما كان. أي كان على [حال] جميلة فحار عنها، أي: رجع عنها. يقال: قد حار الرجل يحور حورًا: إذا رجع. من ذلك قول الله جل وعز: ﴿إنّه ظَنَّ أنْ لَنْ يحورَ﴾ (٧٠)، معناه: أن لن يرجع. قال لبيد (٧١):
(وما المرءُ إلا كالشهابِ وضوئِهِ (٧٢)
يحورُ رمادًا بعدَ إذ هو ساطْعُ) (١١٩)
أراد: يرجع رمادًا. وقال الآخر (٧٣):
(أصبحتْ دارُنا قِفارًا خَلاءً ... بعدَ عدنانَ والإِلهُ مَحاري)
وقال عمران بن حطان (٧٤):
_________
(٦٨) الحجاج بن يوسف الثقفي عامل عبد الملك بن مروان على العراق وخراسان، ت ٩٥ هـ. (مروج الذهب ٣ / ١٢٥، الأوائل ٢ / ٦٠ وفيات الأعيان ٢ / ٢٩) .
(٦٩) ك: بلغت.
(٧٠) الانشقاق ١٤.
(٧١) ديوانه ١٦٩. ولبيد بن ربيعة، من أصحاب المعلقات، أدرك الإسلام فأسلم، توفي ٤٠ هـ (الشعر والشعراء ٢٧٤، الأغاني ١٥ / ٣٦١، شرح شواهد المغني ١٥٢) .
(٧٢) ك: وضوء.
(٧٣) لم أهتد إليه.
(٧٤) أخل به شعره. وعمران من شعراء الخوارج، ت ٨٤ هـ. (المؤتلف والمختلف ١٢٥، الإصابة ٥ / ٣٠٢، الخزانة ٢ / ٤٣٦) .
1 / 25