ويمزحون، وكثير منهم ينعسون، ويكابرون، والقارىء يصحف، وإتقانه (٢٧) في تكثير (أو كما قال)، والرضع يتصاعقون، بالله خلونا، فقد بقينا ضحكة لأولي المعقولات، يطنزون بنا هؤلاء هم أهل الحديث (٢٨)، نعم ماذا يضر! ولو لم يبق إلا تكرار الصلاة على النبي ﷺ لكان خيرا من تلك الأقاويل (٢٩) التي تضاد الدين وتطرد الإيمان واليقين،
_________
(٢٧) ليست في "س".
(٢٨) قال المصنف ﵀ في معرض كلام له في (تذكرة الحفاظ، ٢: ٥٣٠): (فلقد تفانى أصحاب الحديث وتلاشوا، وتبدل الناس بطلبة يهزأ بهم أعداء الحديث والسنة ويسخرون منهم، وصار علماء العصر في الغالب عاكفين على التقليد في الفروع من غير تحرير لها، ومكبين على عقليات من حكمة الأوائل وآراء المتكلمين من غير أن يتعقلوا أكثرها، فعم البلاء واستحكمت الأهواء ولاحت مبادىء رفع العلم وقبضه من الناس، فرحم الله امرءا أقبل على شأنه وقصر من لسانه وأقبل على تلاوة قرآنه وبكى على زمانه وأدمن النظر في الصحيحين، وعبد الله قبل أن يبغته الأجل، اللهم فوفق وارحم) . قلت: لا شك أن كلام المصنف ﵀ لا يعنى به أهل العلم المتخصصين فيه والممارسين له الذين رحلوا في سبيله ولقوا النصب في تحصيله، وإجهاد النفس في ذلك، وإنما يعنى به الجهلة الذين لا علم لهم به، وسيذكر المصنف بعض الحفاظ في زمانه الذين لم يأت بعدهم مثلهم، وهذا الكلام صدر من المصنف في حق أبناء زمانه فكيف لو عاش في زماننا؟!
(٢٩) قال عبد الله بن بكر الطبراني الزاهد ﵀: (أبرك العلوم وافضلها وأكثرها نفعا في الدنيا والدين بعد كتاب الله تعالى أحاديث رسول الله ﷺ، لما فيها من كثرة الصلاة عليه، وإنها كالرياض والبساتين تجد فيها كل خير وبر، وفضل وذكر) أخرجه ابن عساكر كما في (تهذيب تاريخه، ٧: ٣١٤) .
1 / 30