زاد المسير
زاد المسير
ویرایشگر
عبد الرزاق المهدي
ناشر
دار الكتاب العربي
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٢٢ هـ
محل انتشار
بيروت
والثاني: أنه لما بشر باتخاذ الله له خليلًا، سأل هذا السؤال ليعلم صحة البشارة، ذكره السدي عن ابن مسعود، وابن عباس. وروي عن سعيد بن جبير أنه لما بشر بذلك، قال: ما علامة ذلك؟ قال: أن يجيب الله دعاءك، ويحيي الموتى بسؤالك، فسأل هذا السؤال.
والثالث: أنه سأل ذلك ليزيل عوارض الوسواس، وهذا قول عطاء بن أبي رباح.
والرابع: أنه لما نازعه نمروذ في إحياء الموتى سأل ذلك ليرى ما أخبر به عن الله تعالى، وهذا قول محمد بن إسحاق.
قوله تعالى: أَوَلَمْ تُؤْمِنْ، أي: أولست قد آمنت أني أحيي الموتى؟ وقال ابن جبير: ألم توقن بالخلة؟ قوله تعالى: بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي، «اللام» متعلقة بفعل مضمر، تقديره: ولكن سألتك ليطمئن، أو أرني ليطمئن قلبي، ثم في المعنى أربعة أقوال: أحدها: لأعلم أنك تجيبني إذا دعوتك، قاله ابن عباس. والثاني: ليزداد قلبي يقينًا، قاله سعيد بن جبير. وقال الحسن: كان إبراهيم موقنًا، ولكن ليس الخبر كالمعاينة. والثالث: ليطمئن قلبي بالخلة، روي عن ابن جبير أيضًا. والرابع: أنه كان قلبه متعلقًا برؤية إحياء الموتى، فأراد: ليطمئن قلبه بالنظر، قاله ابن قتيبة. وقال غيره: كانت نفسه تائقة إلى رؤية ذلك، وطالب الشيء قلق إلى أن يظفر بطلبته، ويدلّ على أنه لم يسأل لشك، أنه قال: أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى، وما قال: هل تحيي الموتى؟
قوله تعالى: فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ في الذي أخذ سبعة أقوال: أحدها: أنها الحمامة، والديك، والكركيّ، والطّاوس، رواه عبد الله بن هبيرة عن ابن عباس. والثاني: أنها الطّاوس، والديك، والدجاجة السندية، والأوزة، رواه الضحاك عن ابن عباس. وفي لفظ آخر، رواه الضحاك مكان الدجاجه السندية الرأل، وهو فرخ النعام. والثالث: أنها الشّعانين، وكان قرباهم يومئذ، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والرابع: أنها الطّاوس، والنسر، والغراب، والديك، نقل عن ابن عباس أيضا.
والخامس: أنها الدّيك، والطّاوس والغراب، والحمام، قاله عكرمة، ومجاهد، وعطاء، وابن جريج، وابن زيد. والسادس: أنها ديك، وغراب، وبطّ، وطاوس، رواه ليث عن مجاهد. والسابع: أنها الديك، والبطة، والغراب، والحمامة، قاله مقاتل. وقال عطاء الخراساني: أوحى الله إليه أن خذ بطة خضراء وغرابًا أسود، وحمامة بيضاء، وديكًا أحمر.
قوله تعالى: فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ، قرأ الجمهور بضم الصاد، والمعنى: أملهن إليك، يقال: صرت الشيء فانصار، أي: أملته فمال، وأنشدوا «١»:
الله يعلم أنا في تلفتنا ... يوم الفراق إلى جيراننا صور «٢»
فمعنى الكلام: اجمعهن إليك. ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا فيه إضمار قطعهن. قال ابن قتيبة: أضمر «قطعهن»، واكتفى بقوله: ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا، عن قوله: «قطعهن» لأنه يدل عليه، وهذا كما تقول: خذ هذا الثوب، واجعل على كل رمح عندك منه علمًا. يريد: قطعه،
(١) البيت ذكره ابن منظور في «اللسان» مادة «صور» ولم ينسبه لقائل.
(٢) في «اللسان»: الصّور: الميل ورجل أصور بين الصّور: مائل مشتاق.
1 / 236