386

واستخار ربه وسار، وهجر النوم والقرار، واستصحب من شهد من أنصار دين الله، وأعوان حق الله، رجالا يقتحمون أشداق المنايا، شوقا إلى السعادة بالشهادة، وحرصا على الموعود من الحسنى والزيادة «9». وعبر مياه سيحون «10» وچيلم وچندراهة «11» [220 أ] وإيرايه «1» وبيت هرز «2» وشتلدر «3» سالما في سالمين. وهذه أودية تجل أعماقها عن الأوصاف، وتمتنع أطرافها على الأطواف، منها ما يغمر غوارب الفيول، فكيف كواهل الخيول! ويدهده ثقال الصخور، فكيف خفاف المطايا والظهور! صنعا من الله بمن «4» والاه، وغرر بروحه في استدامة رضاه.

ولم يطأ مملكة من تلك الممالك إلا أتاه الرسول واضعا له خد الطاعة، عارضا في الخدمة كنه «5» الاستطاعة، إلى أن جاءه چنكي بن سمهي «6» صاحب درب قشمير عالما بأنه بعث الله «7» الذي لا يرضيه إلا الإسلام مقبولا، أو الحسام مفلولا. فأظهر العبودية عن حاضر التوفيق، وضمن الإرشاد «8» باقي الطريق. وجعل يسير أمامه هاديا، ويجزع واديا فواديا، وكلما انتصف الليل آذن بالمسير خفق الطبول، واستوى أولياء الله على ظهور الخيول، يجشمون تعب الركض والسلوك، إلى أن تجنح الشمس من غد للدلوك، حتى استظهر ماء «9» جون لعشر بقين من رجب سنة تسع وأربعمائة.

صفحه ۴۰۲