312

قد «8» اتفق للسلطان يمين الدولة وأمين الملة فكر في جبال الغور، وتمرد أهلها، وتمنعهم على عطلهم «9» عن حلية الدين، وسمة الإسلام، وحصولهم في المقلة من عين حوزته «10»، والمركز من دائرة مملكته، وتأذي المارة والسابلة بعيث أرصادهم، وعنت قطعهم وإفسادهم، لا ستطالتهم بمناعة جبالهم الشواهق، ومجال مسالكهم «1» المتضايق، فأنف للدولة القاهرة من أن يخليها على غلق أقفالها، وشدة رتاجها، فصمم العزم على تدويخ ديارهم، وتذليل رقابهم، وانتزاع نعرة الاستطالة من رؤوسهم، واستلال وحرة «2» العصيان من صدورهم. وأجلب عليهم «3» بخيله ورجله، معولا على صنع الله وفضله.

وقدم أمامه والي هراة التونتاش الحاجب [175 ب] ووالي طوس أرسلان الجاذب، وسارا مقتحمين مضائق تلك المسالك، إلى أن أفضى بهما الدؤوب «4» إلى مضيق قد غص بكماة الغورية ممن لفظتهم القرى القاصية، والمحال المتنائية «5»، فتناوشوا الحرب تناوشا بطلت فيه «6» العوامل، إلا الصوارم في الجماجم، والخناجر في الحناجر. وتصابر الفريقان على حر الكريهة حتى سالت نفوس، وطارت عن الهام رؤوس.

صفحه ۳۲۳