81

واتجه إلى نفيل قائلا: من ذلك الذي جئت به يا نفيل؟ أهو أبو عبد الله حقا؟

فقال عبد المطلب مبادرا: أتسأل عني يا أبا يكسوم وأنا أسمعك؟ أسمعت مني سفها؟

فقهقه أبرهة قائلا: بل سمعت عجبا.

فقال الشيخ هادئا: ما هكذا نقهقه في نوادينا إذا تحدثنا في الجد، وما هكذا نقهقه إذا طالبنا أحد بحقه، إننا نعرف الحق ونقدره، وننصر المظلوم، ونتعاون على رد المعتدي.

فقال أبرهة في جفاء: ما أشد خيبتي فيك يا ابن هاشم!

فثار الشيخ أول مرة قائلا: لعلها أول الخيبة!

فصاح أبرهة: ماذا قلت؟ وهل تأمن أن أعاقبك أيها الشيخ على سوء أدبك؟

فقال الشيخ باسما في سخرية: لو كنت سوقة لقهقهت ضاحكا. أتعاقبني وأنا في منزلك؟ أتعاقب رسولا بعثت تطلبه وجاء إلى جوارك آمنا يعرف أنه يلقى ملكا؟ أتعاقب رجلا جاء ليخاطبك ويرد على قولك بما يليق به؟ أتغضب من رجل جئت تغزو بلده فيقول لك: «لعلها أول الخيبة؟» ماذا كنت تتوقع مني أن أقول لك جوابا على قولك: «ما أشد خيبتي؟» أكنت تحسب أني أجيبك متمنيا لك النجاح؟ ماذا يغضبك مني وأنا أتمنى لك الخيبة في إذلال قومي وانتهاك حرماتنا ودك حرمنا وتحطيم آلهتنا؟ أما تعلم أنني أرجوها لك حقا؟ ثم ما هي تلك الخيبة التي وقعت في قلبك منذ سمعت قولي؟

فقال أبرهة وهو يحاول أن يمسك نفسه: إنك منذ اليوم تثيرني كأنك ما جئت إلا لتحرضني على القتال. لم أبعث إليك لتبارزني بحد لسانك، فإني أشهد أنك لصاحب لسان حديد، ولكن هذه الأقوال لا ترد قضاء ولا تغني فيما نحن فيه شيئا. لقد هبتك أيها الشيخ عندما وقعت عيني عليك، ورأيت من شيبك ومن هيئتك أنك زعيم نبيل حكيم، وحسبت أنني أستقبل داهية القوم.

فقال الشيخ باسما: ثم رأيت ...؟

صفحه نامشخص