77

ولكن عبد المطلب لم يجبه، ونظر إليه متجهما.

وقال أبرهة متساهلا: ما بعثت إليك يا أبا عبد الله إلا رغبة في السلام، فما لك لا ترد على تحيتي؟

فقال عبد المطلب بصوته العميق: عفوا أيها الملك، فإنك رجل سمعنا بحلمه قبل أن نراه.

فنظر إلى نفيل نظرة عاطفة، وأنصت إلى الشيخ في اهتمام.

ومضى عبد المطلب قائلا: عرفنا رجاحة عقلك وتجاوزك عن ذنوب أعدائك، ثم جئت إليك فأوسعت لي وأكرمت مجلسي بنزولك معي.

وصمت قليلا ثم قال: واتجهت إلي بتحيتك الكريمة قائلا إنك سعيد بأن تراني. ولكني أكذب عليك إذا رددت بتحيتي قائلا إني سعيد بأن أراك هنا.

والتفت إلى الخيام التي تملأ فضاء الهضبة.

وكان أبرهة يجيل بصره في وجهه المجعد، الذي تلمع فيه عينان واسعتان مضيئتان، لم تطفئ الشيخوخة شيئا من وهجهمها. وقال بعد صمت لحظة: لعل أبا حبيب لم يقل لك إني لم أجئ إليكم غازيا.

فتبسم الشيخ حتى علا اللون في وجهه وقال: بل قال لنا ذلك، وأدى أمانتك على وجهها أيها الملك.

فقال أبرهة: وإذن؟

صفحه نامشخص