هكذا قالت في نفسها. ثم قالت تتمسك بأمنية واهية: أكنت تنتظر مشورة خيلاء لكي تفضي إلي بما في نفسك يا سيف؟ قل ما عندك تجده ينطلق إلى قلبي قبل سمعي. لا تخف عني نبضات فؤادك.
فقال سيف: كنت منذ أشهر أترقب مثل هذه اللحظة، ولكني لم أجرؤ، وهي التي شجعتني على أن أفضي إليك بوساوسي.
فقالت ريحانة في نفسها: «وساوسه؟» واستعدت تستقبل العاصفة التي أحست ألا مفر منها.
ومد سيف يده إلى يد أمه، فأمسك بها ومضى قائلا: لم أجرؤ أن أحرك لساني بألفاظ لا تؤدي حقيقة ما في ضميري، وكثيرا ما خلوت في مخدعي أو في ركن من الأركان البعيدة، فأعيد على سمعي ما أود أن أنطق به، فكنت في كل مرة أجد الألفاظ ناشزة لا تعبر عن مقصدي؛ ولهذا كنت أتحاشى أن أزورك ما استطعت، ثم إذا غلبني شوقي إليك لم أشأ أن أطيل زيارتي.
فقالت ريحانة في صوت خافت: رأيت ذلك يا سيف، وكنت مثلك أود أن أتحدث ثم لا أجرؤ.
وما كادت تقول كلمتها حتى كادت تصيح قائلة: «لا، لا.»
وبادر سيف قائلا: عفوك يا أماه إذا سمعت مني ما يشبه أن يكون شكا، فما هو سوى وسواس أحب أن أكشف الستر عنه لأطرده من قلبي. أكاد أخجل من نفسي وأنا أسألك عن حقيقتي أيتها الأم النبيلة.
وكان قلب ريحانة يخفق في حنق، ولكنها تعلقت بأمنية واهية أخرى: ألا يقول سيف إنه وسواس؟
وقالت في مرح متكلف: حقيقتك؟ أنت سيف بغير شك.
فقال: نشدتك بحبي ألا تغلقي قلبي وقد جاهدت أن أفتحه. مريني أن أمسك لساني وأن أرد وساوسي إلى أعماق ضميري، ولن تسمعي مني حديثا في هذا أبدا.
صفحه نامشخص