قال الحداد: «لا بأس، ما دمت لن تحاول مساعدتهم. وإذا حاولت، فأنذرك بأن ذلك سيحدث مشكلة.»
تبع ييتس ساندي إلى أغوار الغابة، بعيدا عن نطاق سمع الآخرين، تاركا لماكدونالد ومطرقته الثقيلة مسئولية الحراسة.
وحين صارا بعيدين بمسافة آمنة، توقف ساندي وأراح ذراعيه على بندقيته، متخذا وضعية مستكشف.
ثم استهل الكلام بقلق، قائلا: «بالمناسبة، ألا يوجد بحوزتك بعض البارود والرصاص؟» «ولا مثقال ذرة. أليس لديك أي ذخيرة؟» «لا، ولم يكن لدي طوال المعركة. كما ترى، فقد غادرنا الورشة على عجل شديد فلم يخطر ببالنا إحضار بارود ورصاص. فحالما جاء رجل على ظهر حصان صائحا بأن ثمة قتالا يدور، التقط العجوز مطرقته وأخذت هذه البندقية التي كانت متروكة في الورشة لإصلاحها، وانطلقنا. لست متيقنا مما إذا كانت ستطلق النار لو كانت لدي ذخيرة، لكني أود التجربة. لقد أخفت بها بعض الفينيانيين وكادوا يموتون رعبا، لكني دائما ما كنت أخشى أن يصوب أحدهم بندقية حقيقية نحوي، ولا أعرف بالضبط ما الذي كنت سأفعله حينئذ.»
ثم تنهد ساندي، وأضاف بنبرة رجل أدرك خطأه لكنه لم يرد الاعتراف به: «في المعركة القادمة، لن تجدني ببندقية معيبة وبلا بارود. أفضل أن آخذ مطرقة الرجل العجوز. فهي لا تخفق.» لمعت عيناه حين خطر ماكدونالد بباله. ثم أردف بعد التفاتة سريعة إلى الوراء من فوق كتفه: «بالمناسبة، الزعيم على أهبة الاستعداد للقتال في أروع حال، أليس كذلك؟»
قال ييتس: «بلى، لكنك أيضا كذلك. تستطيع أن تتفوه بالألفاظ النابية ببراعة تكاد تضاهيه. متى اكتسبت ذلك؟»
قال ساندي متأسفا: «أوه، حسنا، كما ترى، لا أستطيع فعل ذلك بتلقائية كالمضغ، ولكن في كل الأحوال يجب على أحد ما أن يتولى مسئولية السباب. والعجوز قد تاب كما تعلم.» «أوه، ألم يرجع عن توبته بعد؟» «نعم، لم يرجع. كنت أخشى أن يرجعه هذا القتال عن توبته، لكن ذلك لم يحدث، والآن أظن أنه إذا تفوه شخص على مقربة منه بالقليل من السباب - مع أنه لا أحد يقدر على السباب كالزعيم - فسيمسك عليه لسانه. أظنه سيلتزم بالتوبة هذه المرة. كان يجب أن تراه وهو ينقض على أولئك الفينيانيين مؤرجحا هراوته وهو يغني «إلى الأمام أيها الجنود المسيحيون». ثم صمد لسانه طوال النهار دون التفوه بأي لفظ بذيء؛ لأنني كنت بجواره ألفظ كلمة بذيئة بين الحين والآخر حين تحتدم الأوضاع. صدقني لقد كان منظرا جديرا بالمشاهدة. لقد طرحهم أرضا كالقناني الخشبية. كان يجب أن تكون حاضرا وترى بنفسك.»
قال ييتس بحسرة: «نعم. لقد فاتني ذلك، وكل هذا بسبب ستوليكر اللعين. حسنا، لا جدوى من البكاء على اللبن المسكوب، لكني سأخبرك بشيء يا ساندي: مع أنني ليس لدي ذخيرة، سأعرفك ما لدي. لدي في جيبي واحدة من أفضل قطع التبغ التي ستقضمها في حياتك.»
لمعت عينا ساندي. ولم يسعه سوى قول: «فليباركك الرب!» بينما انكب على أخذ قضمة من قطعة التبغ التي أهداه ييتس إياها. «كما ترى يا ساندي، توجد تعويضات في هذه الحياة رغم كل شيء، كنت أعرف أنك في أمس الحاجة إليها.» «لم أتناول قضمة طوال النهار. هذه هي مشكلة المغادرة على عجل.» «حسنا، يمكنك الاحتفاظ بهذه القطعة، مع خالص تحياتي. والآن، أريد العودة وإجراء حوار صحفي مع أولئك الرجال. لا وقت لأضيعه.»
وحين وصلا إلى المجموعة، قال ماكدونالد: «يوجد هنا رجل يقول إنه يعرفك يا سيد ييتس. يدعي أنه مراسل صحفي، وأنك ستؤكد صحة كلامه.»
صفحه نامشخص