نخر بارتليت بعبوس أشد من أي وقت مضى، قائلا: «أف!» ثم عاد إلى صمته مجددا. لم يكن الحصانان يسيران بسرعة كبيرة، مع أن الحمولة لم تكن ثقيلة والطريق لم يكن مزدحما. كان بارتليت يتمتم لنفسه كثيرا، وبين الحين والآخر يهوي بسوطه بوحشية على أحد الحصانين أو الآخر، ولكن حالما كان الحيوانان التعيسان يسرعان من وتيرتيهما، كان يشد لجامهما إلى الوراء بقسوة. ومع ذلك، كانوا يسيرون بسرعة كافية ليتجاوزوا شابة كانت تمشي وحدها. ومع أنها سمعتهم بالتأكيد وهم يقتربون منها على الطريق الصخري، لم تلتفت، بل كانت تسير بخطى طليقة وثابة يخطوها امرؤ ليس معتادا السير فحسب، بل يحبه أيضا. لم يكترث بارتليت بالفتاة، فيما كان البروفيسور يحاول جاهدا أن يقرأ كتابه الرقيق بمشقة كبيرة كتلك التي قد يواجهها أي رجل يحاول القراءة وهو يتعرض لهزات قوية متكررة، لكن ييتس، حالما أدرك أن تلك السائرة كانت شابة صغيرة، رفع ياقته وعدل رابطة عنقه بعناية، وجعل قبعته في وضعية أكثر أناقة وجاذبية بعض الشيء.
قال لبارتليت: «ألن تعرض على الفتاة توصيلها؟» «نعم، لن أعرض.»
فأضاف ييتس ناسيا التحذير الذي تلقاه من النادل: «أظن ذلك تصرفا غير مهذب بعض الشيء.» «أتظن ذلك حقا، هاه؟ حسنا، فلتعرض عليها أنت توصيلها. فأنت قد استأجرت الحصانين.»
قال ييتس، واضعا يده على قفص العربة من الخارج وقافزا على الأرض بخفة: «بحق الرب! سأفعل.»
قال بارتليت للبروفيسور مزمجرا: «من المرجح أنها ستوافق على الركوب مع واحد مثله.»
نظر البروفيسور لحظة إلى ييتس الذي كان يرفع قبعته بتأدب للشابة التي بدت مشدوهة، لكنه لم يقل شيئا.
أضاف بارتليت جامعا أربطة لجام الحصانين في يديه: «مستعد ألا آخذ أي مال نظير أن أضرب الحصانين بالسوط وأتركه يكمل بقية الطريق على قدميه.»
رد البروفيسور ببطء قائلا: «من واقع ما أعرفه عن صديقي، أظنه لن يمانع ذلك إطلاقا.»
تمتم بارتليت بشيء ما لنفسه، وبدا أنه غير رأيه بشأن الركض بحصانيه.
وفي هذه الأثناء، كما قيل سلفا، خلع ييتس قبعته بتأدب كبير للسائرة الشقراء، وبينما كان يفعل ذلك، لاحظ بقشعريرة إعجاب سرت في جسده أنها جميلة جدا. فطالما كان ييتس ذا عين متمرسة في ملاحظة الجمال.
صفحه نامشخص