والذي لا شك فيه أن كل هذا إنما هو تفريع عن العقدة النفسية الأصلية عند ولي الدين، وهي عقدة بغضه العنيف لاستبداد عبد الحميد باسم الدين، وهو في موضع آخر من نفس الكتاب يقارن عبد الحميد بالجعل ويجمع بينهما في حكم واحد، حيث يقول: «كريهان يؤذيهما طيبان: الجعل يؤذيه ريح الورد، وعبد الحميد يؤذيه نسيم الحرية!»
وهو يناصر المضطهدين من الأرمن، ويدفع عنهم في الجزء الأول من المعلوم والمجهول (ص48) تحت عنوان «مذابح شهداء الحرية من إخواننا الأرمن»، ويشرح أسباب تلك المذابح، ويقرع التعصب الديني والعنصري تقريعا شديدا، ويهاجم المتعصبين من الأتراك والأكراد هجوما عنيفا، ويستشهد في وصف حالة الأرمن في الإمبراطورية العثمانية، واضطهاد المسلمين لهم بأبيات قديمة بالغة القوة، حيث يقول: «وقد صدق أحد شعراء الحماسة، إذ يقول:
لو كنت من مازن لم تستبح إبلي
بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا
إذن لقام بنصري معشر خشن
عند الحفيظة إن ذو لوثة لانا
قوم إذا الشر أبدى ناجذيه لهم
طاروا إليه زرافات ووحدانا
لا يسألون أخاهم حين يندبهم
في النائبات على ما قال برهانا
صفحه نامشخص