فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا ، ويسأل القرآن إن كان هناك أحد يملك للبشر نفعا أو ضرا،
قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا .
فإذا كانت المنفعة مقياس صحة الإيمان فإن الضرر مقياس بطلانه. الإيمان إذن ليس خطابا في قنوات الفضاء، وليس دعوة نظرية وقولا بليغا مغلقا على ذاته عند الدعاة الجدد. صحته في منفعته. وبطلانه في ضرره. وكم من إيمان ضار عند المسلمين. وكم من إيمان نافع عند غيرهم. (3) الدين ومنافع الناس
أتى الدين لتحقيق المصالح العامة بتعبير الأصوليين الفقهاء، ومنافع الناس بتعبير القرآن الكريم. وقد ورد لفظ «منافع» في القرآن ثماني مرات بسبعة معان: (1)
تتداخل المنافع والمضار، فلا ضرر إلا وبه منفعة، ولا منفعة إلا وبها ضرر، والقضية هي النسبة والكم، هل الضرر أكثر من المنفعة وبالتالي يكون مكروها، أو هل المنفعة أكثر من الضرر وبالتالي يكون مندوبا، ففي إحدى مراحل تحريم الخمر يأتي الحكم على أن بها إثما كبيرا ومنافع للناس،
قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس ، ثم التنبيه على أن المضار أكثر من المنافع،
وإثمهما أكبر من نفعهما . المنافع الكسب والتجارة وبعض الانتشاء والطرب عند الندماء والشعراء والظرفاء، والمضار في الصحة وذهاب العقل حين السكر وفقدان القدرة على التحكم في الأفعال، وإيذاء الآخرين، وضياع المال، والإدمان. وقد حرمها بعض الأتقياء على نفسه. وجعل المكروه حراما قبل أن يأتي حكم الاجتناب في القرآن، والتحريم في السنة. (2)
ما ينفع الناس هو ما يمكث في الأرض وما دونه يذهب جفاء،
فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض . فالمنافع هي الباقية، وكل ما في الأرض منفعة للناس. المنافع هي الأصل، والأضرار هي الفرع. المنافع هي الثابت، والأضرار هي المتحول. وهي نفس العلاقة بين الخير والشر، بين الحسن والقبيح، بين الصدق والكذب، بين الإيمان والنفاق. (3)
المنافع قضاء لحاجات البشر وما تتطلب الدوافع والبواعث البشرية، وإلا أصبح الإنسان فريسة الكبت والحرمان،
صفحه نامشخص