ومع أن دانيز كانت تعلم أنها معتبرة بصفة خادمة حقيرة؛ لكنها كانت تتظاهر لي بالحسد وتناصبني العداء جهرا؛ لأنها علمت أني وإياها سواء في الحقوق والواجبات أمام هذا الزوج الخائن ...
ولم تكن هذه الفتاة تميل إلى زوجي أو تحبه حبا خالصا، غير أنها جرت وراءه حبا في ماله ورغبة في استنزاف ثروته، وهذا شأن كل امرأة أباحت عرضها وانتهجت سبيل الغواية والفساد.
قلت لك يا سيدي: إن زوجي سافر إلى «نانت» لقضاء مهمة كنت أجهلها؛ فبقيت وحدي مع هذه الخادمة أو الخليلة ...!
وكان في جملة الذين تعودوا زيارتنا وتفقد أحوالنا من أقارب زوجي راعول شاب لين العريكة، حلو المعاشرة، يدعى «إميل» وهو من عائلة عريقة في الحسب والنسب، قد أحرز مالا طائلا وثروة عظيمة، إلا أن ذلك كله لم يكن ليجعل «إميل» سعيدا؛ لأن السعادة الحقيقية ليست في كثرة المال وإحراز الغنى، ورب صعلوك حقير أسعد من غني كبير.
ليس السعيد الذي دنياه تسعده
إن السعيد الذي يخلو من الهم
لقد كان إميل مع ما هو عليه من السعة واليسار لا يميل إلى البطالة والكسل، ولا يحب الراحة والخمول، فتعلم فن التصوير وبرع فيه كثيرا؛ فكان يقضي أغلب أوقاته في مزاولة هذا الفن الجميل، وقليلون هم الذين يحذون هذا الحذو من أبناء الأغنياء وأصحاب الثروة والجاه.
ولكن دوام الحال من المحال، ولا بد لكل امرئ أن يذوق في هذه الحياة الدنيا مرارة العيش ولو مرة واحدة مهما كانت درجته، وكيفما كان حاله، وقد قيل:
لكل شيء إذا ما تم نقصان
فلا يغر بطيب العيش إنسان
صفحه نامشخص