وهم الثوابت: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
وهم الثوابت: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
ژانرها
natural kinds ) أنها تميل بنا ميلا متحيزا إلى الاعتقاد بأننا اكتشفنا رؤية نهائية لموضوع بحثنا، كما بعين إله، وأننا قد عرفنا البنية الداخلية الثابتة للفئة التصنيفية المعنية، وعرفنا أنها حق في جميع العوالم الممكنة.
ويهيب بنا التفكير العلمي فضلا عن ذلك أن نتخذ موقفا أنطولوجيا ضد التصنيفات الماهوية، فلا نكتفي باجتناب التفكير عن العالم بلغة الماهية الثابتة (الأنواع الطبيعية)، بل أن نعي أن هذه الماهيات الثابتة لا وجود لها. لقد علمنا البحث العلمي في المائة والخمسين سنة الأخيرة أن العالم لا ينتظم ببساطة في ماهيات ثابتة (أنواع طبيعية)، وأن الأشياء ليس لها ماهيات حقيقية.
6
وبناء عليه يمكننا أن نخلص من ذلك إلى أن الماهوية هي شيء مستمد من خصوصيات السيكولوجيا البشرية.
الماهيات لا تقبع في العالم، بل في الذهن البشري الذي يدرك العالم. وقد بينت جلمان وكولي وجتفريد (1994م) أن الأطفال تتبنى التحيزات الماهوية بخصوص العالم البيولوجي منذ بلوغهم الرابعة من العمر. أطفال الرابعة أرسطيون بالسليقة يفترضون أن الكائنات الحية لديها ماهيات داخلية، وأن هذه الماهيات هي التي تجعل الكائنات ما هي وتجعلها تسلك مثلما تسلك. ويبدو أن هذا التحيز ينشأ بمعزل إلى حد ما عن التعليمات الوالدية. ويبدو أيضا أنه تحيز مكين يبدأ مبكرا جدا، ويتعمم بسهولة كبيرة بحيث لا تجدي إزاءه أي أدلة مضادة.
7
ويذهب إرنست ماير
Earnst Mayr (1988م) إلى أن التحيزات الماهوية ذات أثر ضار؛ لأنها يمكن أن تعيق التقدم العلمي. ويرى ماير من وجهة نظره أن الافتراضات الماهوية عن الأنواع تجعل صعبا على الناس أن تتقبل تفسير دارون لأصل الأنواع. ومن المحتمل من زاوية فلسفة العلم أن العلماء من كافة فروع البحث يميلون في البداية - شأن كل إنسان آخر - إلى التفكير في موضوعهم على نحو ماهوي؛ غير أنهم - إذ يكتسبون الخبرة في مجالهم المختار - يشرعون في إدراك أن العالم أعقد مما يوحي به النموذج الماهوي للحس المشترك. سل أي عالم فيزياء ما هو «العنصر»
element ؟ وسل أي عالم وراثة ما هو «الجين»
gene ؟ وسل أي عالم حيوان ما هو «النوع»
صفحه نامشخص