وهم الثوابت: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
وهم الثوابت: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
ژانرها
تبدو التدخلات التعليمية من هذا النوع ملائمة جدا أثناء فصول العلم في المدرسة المتوسطة والعليا. في هذه السن لا يبدي المراهقون عزوا طبيعيا قويا كالذي يبديه الأطفال الأصغر،
32
ولا يكون أوان الحتمية الجينية للبالغين قد حل بعد، وينبغي خفض التوكيد على أمثلة الظواهر أحادية الجين، مثل تجارب بازلاء مندل التي تشير إلى تفسير جيني قوي، مقترنا بتوكيد عال على تفاعلات الجين والبيئة، تمهيدا لتعزيز فهم الناس للتفسيرات الجينية الضعيفة.
وعلى الباحثين في علم الوراثة أن يتوخوا الحذر من إضفاء الصيغة الماهوية على نتائجهم في تصريحاتهم الصحفية. وعلى وسائل الإعلام بدورها أن تتحمل مسئوليتها في هذا الشأن.
وحيث إن الناس تميل إلى ارتكاب مغالطة المذهب الطبيعي عندما تتأمل حالات ذات أساس جيني ومتضمنات أخلاقية، فإن تذكيرهم بهذه المغالطة أثناء تعلم أساس جيني لسمة بشرية قمين أن يقلل التفكير الماهوي. كما أن التحيزات الماهوية يمكن إخمادها بأن يكون عرض البحث الجيني مصاحبا بمفندات تلقي الضوء على الطرق اللاحتمية في علاقة الجينات بمآلات الحياة. مثل هذه الضروب من صياغة الرسائل قد تساعد في تحصين الناس من شحن التحيزات الماهوية. وسوف يلقي البحث المستقبلي في تأثيرات صياغة الرسائل وصياغة الماهوية الجينية الضوء على هذا الموضوع الهام.
مجمل
يميل الناس بطبعهم إلى تفسير عوالمهم الاجتماعية وإضفاء معنى عليها. يصادف الناس في حياتهم تنوعا بشريا كبيرا، وفي محاولتهم إضفاء معنى على كل ذلك فإنهم يتأثرون بتفسيرين سببيين على الأقل:
التفسير الطبيعي الفطري.
والتفسير البيئي.
وخلال السياقات المختلفة والعصور المتعاقبة يتراوح البندول ميلا بين هذين التفسيرين؛ غير أن المؤشرات تدل على أن البندول في المجتمعات الغربية المعاصرة يميل تجاه التفسير الطبيعي الفطري، يعززه الحماس الذي توصل به وسائل الإعلام كشوف الجينوم. ثمة أدلة ضافية اليوم في مجالات شتى - مثل: العنصر، الجندر، التوجه الجنسي، الإجرام، المرض العقلي، السمنة - على وجود علاقات علية بين الجينات وهذه التصنيفات الفئوية؛ غير أن السمة الغالبة على تصور الناس لهذه العلاقات أنه يتجاوز البينة العلمية، ويأخذ التفسير الجيني الضعيف مأخذ التفسير الجيني القوي، ويعزو قدرة سحرية للجين على تشكيل خصائص الفرد والجماعة، ويغفل العناصر الاجتماعية الثقافية والبيئية. ما إن ينظر الناس في فكرة أن الجينات ذات صلة لفهم بعض الحالات البشرية حتى يندفعوا إلى اعتبار أن المكون الوراثي هو الملمح الجوهري للحالة مبالغين في تقدير تأثيره العلي. وما إن نصوغ الجينات على أنها علة المشكلة حتى نكب على فكرة أن الجينات ستكون هي الحل، وأن الهندسة الجينية أو السياسات اليوجينية تعدنا بالكثير.
صفحه نامشخص