وهم الثوابت: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
وهم الثوابت: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
ژانرها
هكذا تشكل الماهوية الجينية عدسات أشبه بالمنشور ننظر من خلالها إلى الأشياء فيتشوه فهمنا لها. إن التحيز الماهوي الجيني كفيل بأن يغير رؤيتنا للأشياء، وأن يجعلنا نقيم الأمور تقييما مختلفا عن تقييمنا لها إذا لم تكن مرتبطة عندنا بأي أساس جيني. (3) هل الماهوية الجينية غير معقولة؟
نحن نسلم بأن الماهوية تعكس استجابة متحيزة - وغير مرغوبة في الأغلب - لما نتلقاه من معلومات جينية. ولكن للمرء أن يتساءل: ألا يمكن أن تعتبر مثل هذه الاستجابة عقلانية؟ أليس من المعقول أن معرفة المرء بالأساس الجيني التحتي لحالة ما ينبغي أن تدفعه إلى أن يستنتج أن الحالة محتمة، وأن لها سببا محددا وأنها متجانسة وطبيعية ؟ مثال ذلك: أنه إذا كان لشخص ما سلسلة من عدد كاف من تتابعات مكرورة من ثلاث قواعد
CAG
في الموضع الصحيح في نهاية كروموزوم 4، فإنها سوف تنتج مرض هنتنجتون ما لم تمت قبل الأوان لسبب آخر. بل إن بداية حدوث الأعراض يمكن التنبؤ بها بناء على عدد التتابعات المكرورة في الكروموزوم. وبجميع المقاييس فإن مرض هنتنجتون محتم، وذو سبب محدد ومتجانس وطبيعي، وتصوره بهذه السبل الجبرية هو تصور وجيه وهو الطريقة الصحيحة لفهمه.
على أن الجينات تؤثر في الأنماط الظاهرية
phenotypes
بطرق مختلفة. من ناحية يمكن للجينات أن تؤثر في الأنماط الظاهرية من خلال مسالك بيوكيميائية كبرى يمكن أن تقاس وتفهم، وهو ما يطلق عليه توركهايمر (1998م) «التفسيرات الجينية القوية». هكذا الأمر في حالة الأمراض الوحيدة الجين
monogenic
والحالات التي تشمل عددا صغيرا من الجينات. في مثل هذه الحالات يبدو معقولا حقا أن نتصورها محتمة وذات سبب واحد ومتجانسة وطبيعية، كنتيجة لمعرفتنا بأساسها الجيني التحتي. ومن جهة أخرى فإن التفسير الجيني القوى يبدو أنه يمثل الاستثناء أكثر مما يمثل القاعدة. لا تشكل الأمراض الوحيدة الجين إلا حوالي 2٪ من الأمراض ذات الأساس الجيني.
7
صفحه نامشخص