============================================================
10 الوحيد في سلوك أهل التوحيد ألست قد استقللت بنفسك ورأيك، وزعمت أنك غير محتاج إلي؟ فقال له يا سيدي، ما هذا وقته؟ أدركني وإلا هلكت.
فمضى معه إلى عند الملك والملك على تلك الحالة، فصفع المعلم الملك صفعة عظيمة فاشتد الغضب وانتفخت العروق فخرجت الريشة بسرعة؛ لأن نفوس الملوك ما حتمل مثل ذلك، فلما جرى ذلك جعل المعلم في عنقه سلسلة، وقاد نفسه للملك ليقتله على جرأته، وقال: إنه لم يكن هذه العلة دواء إلا ما فعلت، واخترت ذهاب حياتي بسلامة الملك، فأخلع عليه وتركه.
ثم إن المريد رجع إلى ماكان عليه، واعتقد أنه ما بقي معرفة للمعلم زائدة على ذلك إلا وقد تعلمها، فاتفق أنه فصد المشاعلي فانكسرت الريشة في يده، فصفعه المريد صفعة عظيمة فلم يؤثر فيه شيء، فقال له المشاعلي: ما هذا وقت البسط، أبصر أي شيء يخرج هذه الريشة من يدي؛ وذلك لأن نفس المشاعلي ما هي كنفس الملك، وإن كانت العلة واحدة فالأمزجة مختلفة؛ لأن المشاعلي يفعل بنفسه طول النهار مثل ذلك ويستحليه ويجعله صناعته، والموت عند الملك دون ذلى، ثم إن المريد آتى إلى عند معلمه الحجام وسأله عن ذلك وقال: أدركني، فقال له: فما أنت استغنيت عني؟ فقال: ما هذا وقته، فجاء معه إلى بيت المشاعلي، فأمرهم بخلو البيت، وألا يكون فيه أحد، واتخذ ومريده ركنا في منزل المشاعلي، ووسوس مريده وسوسة يسمعها المشاعلي، قال له: ما بقي لنا في هذه حيلة، إلا أن نقتله ونخفيه عن الملك؛ لئلا يحصل لنا من ذلك ما يحصل، فسمعهما المشاعلي يقولان ذلك فخاف على نفسه وجزع، وتيقن منهما ذلك فانتفخت العروق من الخوف فخرجت الريشة للوقت: فانظر يا أخي، وفقك الله تعالى، إلى هذه الإشارات في الرتبية.
وحكى لي الشيخ المحير مهنا البغدادي أنه كان في خدمة الشيخ على الرفاعي يقم الزبل، واتفق أنه حصل للمحير مهنا المذكور مرض الإسهال، وكان يحب العنب، والعنب مما يزيد في الإسهال، فقال الفقراء للشيخ فقال لهم: قولوا له لا تأكل العنب ، فقالوا له فلم يمتنع من أكله، وازداد المرض، وجعلوا يقولون له فلم يسمع، فقالوا للشيخ أنه لم يسمع، قال: فطلبني الشيخ إلى عنده فحضرت، والتزم الشيخ أني لا آكل عنبا ثم
صفحه ۱۸۰