واحات العمر: سیره ذاتیه: الجزء الأول
واحات العمر: سيرة ذاتية: الجزء الأول
ژانرها
Joan Malloy ، وكان اسمها الأصلي كورديليا مثل اسم ابنة الملك لير في مسرحية شيكسبير الشهيرة، وعرفته بها وعرفتها به، ولم أكن قابلتها منذ سنوات طويلة، وتحديدا منذ يوليو 1966م؛ إذ كان من عادتنا أن نتناقش في الفكر الاجتماعي ربما لأنها تدرس علم النفس وتجري تجارب بحثها على الكهنة، وكانت تتردد بانتظام على الكنائس لإجراء المقابلات معهم، وتمكنت من تسجيل شرائط صوتية طويلة لأحاديثهم، وكانت تستعين بالكمبيوتر - الذي كان في مهده - في تحليل نتائجها، وكانت تحدثني كثيرا عن شاب يدعى ألكسندر يدين بالكاثوليكية؛ ومن ثم فقد أقسم قسم الامتناع عن الزواج طيلة حياته، وبألا يقرب المرأة، ولكنه كان يبدو لها «مادة» صالحة للتجارب، فهو قوي البنية فارع الطول، وشعره أحمر وعيناه سوداوان ثاقبتان، مما جعلها تحدس أنه من أصل أيرلندي، وكانت كثيرا ما تتحدث عن قوة نفاذ عينيه، وتسرد التفاصيل الدقيقة عن صوته الدافئ، وكان يبدو أنها كانت مولعة به، وهي بيضاء عيونها سوداء، وذات طول غير عادي، وكانت تقول إن شكلها يختلف عن الشكل الإنجليزي التقليدي الذي يوصف بأنه مثل ثمرة الكمثرى؛ فهي ضخمة الصدر نحيلة العجز، وكان الزملاء يضحكون منها، وكانت سوزان الأمريكية تقول لها إن هذا هراء؛ فالإنجليز في رأيها شعب هجين
hybrid (ولو أنها استعملت كلمة يقتصر الإنجليز على استعمالها في وصف الكلاب
mongrel
مما أغضب جون).
وخرجنا أنا ورشاد رشدي وجون إلى الطريق دون أن يشتري أحد شيئا، وفجأة قال رشدي بلهجة إنجليزية تحاكي لهجة أبناء الذوات: «دعيني أدعوك إلى العشاء.» ورحبت جون فورا، ولم أدهش لذلك؛ فالإنجليز يرحبون بكل ما من شأنه توفير النقود، وقد يكون التعبير: «دعني أشتر لك عشاء.» ولو قالها رشدي للاقت القبول، وشعرت أن وجودي قد يفسد خطط «أبو الرشد»، فتذرعت بحجة واهية ولكنه أصر على أن أصحبهما، وما إن جلسنا في المطعم الإيطالي الذي اختارته حتى تفرع الحديث وتشعب، ولم أشأ أن أترك رشدي يحكي عن أمجاده في مصر؛ فهذا مما لا يقال على مائدة العشاء، فسألتها عن أخبار ألكسندر، فانطلقت تحكي أخبار السنوات الماضية .
قالت جون: «كانت علاقتي به محكوما عليها بالفشل منذ البداية (
doomed ) ويبدو أنني أسرفت في لقاءاتي معه، وفي طرح أسئلتي والاستماع إلى إجاباته، ويبدو أنني كنت مدفوعة بدافع لم أستطع حتى الآن تحديد كنهه، فأبحت له أن يعرف عني ما يزيد على ما يطلبه كاهن الاعتراف، وربما تماديت في ذلك جسديا (ماديا؟
physically ) فأفصح لي عن حقائق لم تكن تخطر ببالي، وبدأ يتصرف بتصرفات غريبة، أو قل إنني وجدتها غريبة من كاهن نذر على نفسه البعد عن المرأة، فسألته سؤالا مباشرا عن علاقته بالشماس (deacon)
الذي كنت كثيرا أراه يحوم حولنا أثناء حديثنا في الخلوة، فقال لي إنك فتاة بارعة الذكاء .. كيف عرفت وجود علاقة؟ ونحيت المسألة بلا اكتراث حتى لا أقطع سيل حديثه فجعل يقسم أغلظ الأيمان أنه وإن كان يعينه في قضاء وطره إلا أنه لم يعشق سواي، وأنه منذ أن عرفني قد نبذ صغار الشمامسة (
sextons and sacristans ) من ذوي الجمال الأخاذ، وسألته صادقة: هل لي أن أسجل ذلك في المذكرات الخاصة ببحثي؟ فتلعثم وقال إنه حائر لا يدري ما يصنع، وقررت آنذاك أن أمتنع عن زيارته خوفا عليه.»
صفحه نامشخص