واحات العمر: سیره ذاتیه: الجزء الأول

محمد عنانی d. 1443 AH
157

واحات العمر: سیره ذاتیه: الجزء الأول

واحات العمر: سيرة ذاتية: الجزء الأول

ژانرها

2

كان من أهم ما خرجت به من المناقشات الجامعية على مدى عام كامل هو الوعي بأن الأستاذ يتمتع بحرية تكاد تكون مطلقة في تفكيره وبحوثه، وإذا كان ذلك مما لا يدعو للدهشة في العلوم الطبيعية كالكيمياء والفيزياء، فهو يدعو للدهشة حقا في العلوم الإنسانية، وكان مما يسر لي الوصول إلى هذه النتيجة اختلاطي بنماذج متعددة من أفراد الطبقات الأخرى في المجتمع الإنجليزي، فكانت «كارول» السكرتيرة ذات الملامح الشرقية تحدثني عن صديقها وكيف حاولت معه التشبه بالطبقات العليا فذهبت للرقص في فندق هيلتون وكيف مثلت دور إلايزا دوليتل

Eliza Doolittle

في فيلم سيدتي الجميلة عندما حاولت التحدث بلهجة أبناء الذوات، وكيف انكشف أمرهما حين لعبت الخمر بالرءوس فانطلقا يتحدثان بلهجة أولاد البلد في لندن، وعلمت من «سالي» أن صديقها ديفيد يريد أن يذهب معها إلى إيطاليا في أغسطس، وكانت مترددة بسبب تحذير ريمون مكلف لها؛ إذ قال لها إن عليها أن تشترط عليه الزواج أولا، وهي لا تدري ما تفعل، فهي تخاف أن يتهمها بعدم الثقة فيه، وتخاف أن يهجرها، ولم تكن أسرتها تعترض، لكن خوفها من ريمون كان سبب ترددها.

كارول زميلتنا في العمل في كوينز هاوس.

وجاء ديفيد ذات يوم إلى المكتب فوجدته شابا نحيلا قصيرا، غير وسيم، لا تبدو له ملامح محددة (

nondescript ) وكانت «سالي» في رشاقة نجوم السينما، مرحة ضحوكا، وعندما وجداني أجلس وحدي في ساعة الغداء، عازفا عن الخروج، أسجل بعض الملاحظات في مفكرتي التي تضخمت، طرقا الباب ودخلا، فعرفتني سالي به، وعرفته بي قائلة إنه مستر عناني الذي أطبع له الرسالة (وكانت تتولى نسخ الفصول بعد تعديلها على آلة كاتبة كهربائية لديها في المنزل). وقال ديفيد ضاحكا “The one who’s swallowed the dictionary?” (أي أهو الذي ابتلع القاموس؟) وأنكرت أنني ابتعلت شيئا، فأردف قائلا إنه لم يفهم حرفا واحدا مما كتبت، وضحكنا ثم سألني: «هل ستذهب مع نهاد إلى إيطاليا؟» وعجبت من سؤاله ورددت عليه بسؤال: «ألا بد من ذلك؟» فرد قائلا «كنت أتصور أن الناس يتزوجون في إيطاليا!» وسألته بسرعة «وهل ستتزوج سالي في إيطاليا؟» فقال: «ولم لا؟ ربما فعلت» (

why not? I might, you know ) وتطرق الحديث إلى شراء المنزل، فالقاعدة أن يشترك العروسان في شراء منزل الزوجية أولا، فهما يدفعان مقدارا من المال أولا (ألف جنيه على الأقل) ويدفعان الباقي على أقساط شهرية للبنك، فالبنك هو الذي يقدم القرض لهما (الثمن الكامل الذي تتقاضاه الشركة العقارية) وكان في هذه الحالة 3500 جنيه، ويعتبر المنزل مرهونا للبنك حتى إتمام سداد القرض؛ ولذلك تعتبر الدفعات الشهرية (الأقساط) قيمة فك الرهن، ويشار إليها عادة باسم الرهن فقط، فيقال (

to pay the mortgage rate ) ويشار إلى الفائدة المفروضة على القرض باسم سعر فائدة الرهن (mortgage rate)

واتضح من الحوار أن ديفيد لا يملك إلا ثلاثمائة جنيه، فقالت سالي: «أستطيع أن أدبر المبلغ الباقي (

صفحه نامشخص