واحات العمر: سیره ذاتیه: الجزء الأول

محمد عنانی d. 1443 AH
135

واحات العمر: سیره ذاتیه: الجزء الأول

واحات العمر: سيرة ذاتية: الجزء الأول

ژانرها

Achilles (مثل البطل الإغريقي أخيلاس) وكان يتحدث كأنما لا يشاركه الحوار أحد، وأكاد أذكر كل كلمة قالها ذلك الصباح: - صباح الخير يا مستر عناني .. أنت من مصر .. هذا حسن! أنا من أفريقيا! نحن جميعا من أفريقيا. هل أعجبتك الغرفة؟ هذا حسن! روزانا تقول إنك دمث الأخلاق. هذا حسن. هل تحتاج لشيء؟ هذا حسن! إذا احتجت لشيء فاطلبه من روزانا! سآتي صباح السبت التالي!

لم تستغرق المقابلة سوى دقائق معدودة، اختفى بعدها آشيل ولم أعد أسمع له صوتا، بعد أن كانت جملة “That’s good”

ترن في الفضاء مثل الرعد! وفي الهدوء العميق الذي ساد المكان بعد رحيله، وجدتني أجلس على الكرسي الوحيد المواجه للنافذة، وأتأمل قضبان السكك الحديدية الصدئة، وأكواخ المهمات المهملة، وأكوام الأخشاب والصخور المستخدمة في بناء الوصلات، وأحد العمال يصيح في زميل له بلهجة من المحال تحديد كنهها، أنا لا شك أفريقي، ولكنني لست من هذه الفئة، وذكرت ما قاله سامي أبو طالب عن العنصرية والتعصب فقررت ألا أشغل بالي بالتصنيفات العرقية، وأن أتفرغ للدرس حتى أعود إلى مصر العربية، وإلى من لا يعتبرني «غريب الوجه واليد واللسان»!

وقضيت عطلة نهاية الأسبوع ما بين القراءة وبين التريض في الحديقة العامة التي أطلق اسمها على الحي، وعدت ابتداء من يوم الإثنين إلى النظام اليومي في الكلية أحاول أن أنتهي من تصنيف كل ما كتب عن الشاعر ووضعه في البطاقات، حتى خلت أن المهمة اكتملت، فأفضيت بالخبر السعيد إلى المصري الوحيد الذي كان يدرس معي في كلية بدفورد وهو عادل مشرفة، وفي تضاعيف الحديث ذكرت له تلك الغرفة الكئيبة، وكان قد عرفني بطالبة تخرجت في قسم اللغة الفرنسية، وهي إنجليزية تدعى هيلاري وايز (Wise)

وتدرس اللغة العربية في غضون بحثها عن النحو التحويلي الذي ما لبث أن «تحول» إلى موضة في الستينيات وما بعدها. وما إن سمعت هيلاري قصة آشيل حتى انطلقت تحدثني عن مغبة الحياة مع الزنوج، وكانت كأنما تذكرني بأحاديث جدتي - رحمها الله - إذ روت لي (أي جدتي) أن جدتها كانت لديها جارية سوداء، واكتشفت الأسرة ذات يوم أن لها ذيلا قصيرا، فتأكد لهم أنها «غولة» وسرحوها خوفا على أطفالهم منها. لم تزعم شيئا مثل ذلك ولكنها ذكرت بعض «الوقائع» ثم اقترحت علي أن أتقدم بطلب إلى بيت طلاب جامعي اسمه

Lillian Penson Hall

ومعنى

Hall

هو مقر إقامة، فهو اختصار تعبير

Hall of Residence

صفحه نامشخص