واحات العمر: سیره ذاتیه: الجزء الأول
واحات العمر: سيرة ذاتية: الجزء الأول
ژانرها
كانت تجربة إفطار الصباح فريدة لم أعهد لها مثيلا في حياتي. كان بيت الشباب يعج بالأجانب، معظمهم أوروبيون، وكان الإفطار يتكون أساسا من السمك، سمك الرنجة غير المدخنة، وهناك البيض لمن يريد، واللبن، و«كورن فيلكس» الذي أصبح معروفا في مصر، والشاي! وكان الجميع يلتهمون الطعام بشهية كبيرة، ولاحظت عدم وجود مكان لغسل الأيادي والفم، فعدت إلى الغرفة لأداء ما اعتدت عليه، ثم انطلقت إلى مكتب البعثات. وهناك قابلت مستر فيولنج
Fuling ، وهو فيما يقال أجنبي (أي غير بريطاني) يحب المصريين وقضى معظم سني حياته عاملا بالمكتب ، فاستقبلني بالترحاب، وانتهينا من بعض الأوراق الرسمية، ثم أخذني إلى مدير المكتب؛ حيث تناولت شيكا بعشرة جنيهات، باعتباره جزءا من مرتبي الذي يبلغ 45 جنيها في الشهر، إلى جانب ثلاثة جنيهات «علاوة لندن». وبعد أن وضعت النقود في جيبي (إذ كان فرع البنك مجاورا للمكتب) اتجهت إلى كلية بدفورد
Bedford College
التابعة لجامعة لندن؛ حيث قابلت رئيسة القسم الأستاذة تيلتسون
Tillotson ، وسألتني عن سبب تأخري في المجيء، وقابلت بعض الأساتذة الآخرين، ومنهم مستر كيرجنفن
Curgenven ، الذي حدده القسم للإشراف على دراستي. وقال لي المشرف ضاحكا: «لقد أتيت بالجو الصحو من مصر!» ثم ضرب لي موعدا في يوم الإثنين التالي. وانصرفت.
البط فوق سطح البحيرة المتجمدة في حديقة ريجنت.
خرجت من باب الكلية التي تقع في وسط حديقة ريجنت
Regent’s Park
لأجد ما لا يمكن أن أصفه إلا بالجنة! كانت الحديقة منبسطة لا تبدو لها نهاية. وفي وسطها تجري قنوات المياه العذبة التي تسبح فيها الطيور - البط بأنواعه التي كنت أعرفها جيدا، والإوز العراقي (التم) الذي يشيرون إليه خطأ باسم البجع - وحولها على الأشجار طيور أوروبية لا تأتي إلى مصر إلا في الخريف عندما تعبر المتوسط لقضاء الشتاء في السودان، وبدأت أتعرف على بعضها من صوتها، ودهشت لأنها كانت لا تفزع حين أقترب منها، بل تنظر إلي في حيرة أو تساؤل! وظللت أسير بين الأشجار حتى وجدت مكانا خصص للجلوس، وانتثرت فيه المقاعد الخشبية وبعض المناضد ومن حولها الكراسي، وكان على البعد أطفال يلعبون الكرة ويتواثبون فرحين صائحين في مكان خصص لهم، وكانت نسائم العصر منعشة تحمل أريج بعض الزهور التي انتظمت في أحواض خاصة، ورأيت رأي العين زهور النرجس الأصفر
صفحه نامشخص