(لا تبكوا على الدين) الحديث المتقدم ولم يتحرر لي حال بعد رجال إسناده، غير أني رأيت بخط الحافظ العلامة الشيخ أبي الفتح ابن الحافظ أبي بكر بن الحسين المراغي ما صورته عن داود بن أبي صالح قال: أقبل مروان يوما فوجد رجلا واضعا وجهه على القبر، إلى قوله: ولم آت الحجر، رواه الإمام أحمد بسند حسن، انتهى.... وهو ثبت لا يكتب مثل ذلك إلا عن مستند. ثم رأيت ما يؤيد ذلك، فإني رأيت الهيتمي في (مجمع الزوائد) أورده في باب ولاية المناصب غير أهلها، ثم قال: رواه أحمد والطبراني في (الكبير) و(الأوسط) وفيه كثير بن زيد، وثقه أحمد وغيره، وضعفه النسائي وغيره، وأورده أيضا في باب: وضع الوجه على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكر تضعيف كثير بن زيد وقد اقتضى قول السبكي المتقدم وأبو نباتة ومن فوقه ثقات توثيق كثير بن زيد وذكر الخطيب بن حملة أن بلالا رضي الله عنه وضع خديه على القبر وأن ابن عمر رضي الله عنهما كان يضع يده اليمنى على القبر الشريف.
... قال: وقد رأيت في كتاب (السؤالات) لعبد الله بن الإمام أحمد فيما سأله لأبيه قال: وسأله يعني أباه عن الرجل يمس منبر النبي صلى الله عليه وسلم ويقبله ويفعل بالقبر مثل ذلك أو نحو هذا يريد بذلك التقرب إلى الله عز وجل فقال: لا بأس بذلك.
ولا شك أن الاستغراق في المحبة يحمل على الأدب في ذلك والمقصود من ذلك كله الاحترام والتعظيم والناس تختلف مراتبهم في ذلك كما كانت تختلف في حياته فأناس حين يرونه لا يملكون أنفسهم بل يبادرون إليه وأناس فيهم أناة يتأخرون والكل محل خير. انتهى.
صفحه ۱۵۸