...قال الشيخ زين الدين المراغي وفتح الكوة عند الجدب سنة أهل المدينة حتى الآن يفتحون كوة في سفل قبة الحجرة المقدسة من جهة القبلة وإن كان السقف حايلا بين القبر الشريف وبين السماء كما سبق في صفة الحجرة.
...والذي عليه أهل المدينة الشريفة الآن اجتماع عند الجدب تجاه الوجه الشريف وفتح الباب المواجه له من أبواب الدرابزين المتقدم وصفها وذكر من رأيناه من أشياخنا أن ذلك هو الذي أدركوه وإنما أوردنا ذلك للاستشهاد بفعل عائشة رضي الله عنها حيث أمرت بفتح الكوة في سقف الحجرة الشريفة لما في ذلك من المصلحة فظهر أنها تنهى عن مالا مصلحة ولا حاجة فيه ومما يؤيد ذلك بل هو نص فيما نحن بصدده تصريح الفقهاء بصحة الوصية لعمارة قبور الأنبياء كما قدمناه وحينئذ فما لابد من الحركات في إزالة ذلك يتعين الاقتصار عليه، وهو محمود لا مذموم، لأن إزالة ذلك محمودة مطلوبة ووسيلة المحمودة محمودة وأيضا فهو صلى الله عليه وسلم لا يعجبه إبقاء ما أصاب ذلك المحل الشريف لما تقدم فالحركات التي لابد منها في إزالة ذلك مرضية له صلى الله عليه وسلم فليس فيها نقص من الأدب بل هي من تمام الآداب كما قال بعضهم مراعاة حقوق الشريعة وهي لغة الطرق وحسن فتتناول الأمور كلها ولا شك أن تتحقق أنه صلى الله عليه وسلم لو كان في بيت بين أظهرنا فوقع بالقرب من مجلسه صلى الله عليه وسلم هدم لكان يعد المبادر إلى إزالة ذلك من مجلسه الشريف أكمل الناس أدبا، ويعد المهمل لذلك المقصر فيه ناقص الأدب، فإن قيل ما ذكره المؤرخون من قبيل الآحاد فينبغي أن لا يعول عليه سدا للذريعة، ألا ترى أن الإمام مالك رحمة الله تعالى عليه لما أراد الخليفة الرشيد وقيل المهدي وقيل جده المنصور أن يغير ما صنعه الحجاج في الكعبة ويردها إلى ما صنعه ابن الزبير في الكعبة نهاه عن ذلك وقال: نشدتك الله لا تجعل بيت الله ملعبة للملوك لا يشاء أحد منهم أن يغيره إلا غير.
صفحه ۱۴۰