وهذا السؤال مبني على حلول الروح في البدن وهو مذهب المتكلمين.
قيل: وفي جوابه نظر، لأن بقاء الجسد العظيم بعد انتقال الروح حيا لا ينتقص من معارفه شيء غير معقول لأن الروح إن انتقلت كلها لزم موت الجسد وإن انتقل بعضها لزم تجزي الروح فالأولى أن يقال لا نسلم أن الجسد لا يبقى إذا كان خاليا عن الروح فإن كان الجسد العظيم باقيا بعد موته بانتقال الروح منه إلى الثاني يعيد الله الروح إليه بعد ذلك ولا يلزم الحشر قبل القيامة لأن الحشر هو إعاده بعد الفناء، وهنا لم يفن الجسد. انتهى.
قلت: وجواب هذا النظر ما تقدم عن السبكي من أن توقف الحياة على حلول الروح في البدن إنما هو من الأمور العادية وقال في (المسايره): والحياة عرض ملازم وجوده في البدن يعلو عادة.
لكن قوله أن الجسد المنقول عنه يبقى حيا لا ينتقص معارفه منظور فيه لأن المعارف إنما هي للروح والظاهر أن مراده أن روح الجسد العظيم لم تنتقص معارفها بمفارقته إلى أصغر منه على أن في كل الجوابين نظرا من جهة أن خروج الروح من بدن ودخولها في آخر ثم عودها إلى الأول نوع من التناسخ فالأولى في الجواب ما تقدم من جواز تدبير الروح لأجساد متعددة أو ما نقله إمام الحرمين عن العلماء في ذلك فقال في قصة تمثيل جبريل عليه السلام قالوا وهذا التمثيل يحتمل وجهين: أحدهما: أن الله كان يفني الزايد من خلقة جبريل عليه السلام ثم يعيده إليه ثانيهما يحتمل أن يزيله عنه ثم يعيده إليه بعد التبليغ، وما تقدم أولى لعدم الاحتياج فيه إلى ما ذكره لأنه ينجلي به بعد إشكالات كثيرة.
صفحه ۱۳۶