قلت وَكَأَنَّهُ مَا عرف خلاف الملاحمية وَقد وَافقه كَلَام النظام وَالْحق مَعَهُمَا وَهَذَا مِمَّا تَركه الأول للْآخر وَالْفضل بيد الله يؤتيه من يَشَاء قَوْله وَقد يدعى بِهِ اسْتِعَارَة أَي أَنه قد يُسمى أَي الظَّن علما فَإِنَّهُ قد يُطلق لُغَة على الْيَقِين نَحْو الَّذِي يظنون أَنهم ملاقو رَبهم وَعَن الْخَلِيل بن أَحْمد أَنه قَالَ الظَّن شكّ ويقين وَظَاهر كَلَامه أَنه مُشْتَرك فَقَوله اسْتِعَارَة لَيْسَ المُرَاد الِاسْتِعَارَة الاصطلاحية بل المُرَاد أَنه لُغَة يكون بِأحد معنييه بِمَعْنى الْعلم ثمَّ لما ذكر الْعلم بِالدَّلِيلِ أَخذ فِي ذكر حَقِيقَته فَقَالَ
وَالْعلم معنى يَقْتَضِي السكونا
لنَفس من قَامَ بِهِ يَقِينا ... بِأَن مَا يُعلمهُ كَمَا اعْتقد
اعْلَم أَن كلامنا هُنَا فِي الْعلم بِالْمَعْنَى الْأَخَص الَّذِي لَا يَشْمَل الظَّن لِأَنَّهُ قسيمه كَمَا عرفت هُنَا وتعرفه مِمَّا يَأْتِي فِي تَعْرِيف الظَّن وَإِذا عرفت هَذَا فَاعْلَم أَنه قد اخْتلف الْعلمَاء هَل يحد الْعلم أَو لَا فَقيل يحد وَقيل لَا يحد لتعسر معرفَة جنسه وفصله وَقيل بل لجلائه ووضوحه فَهُوَ ضَرُورِيّ وعَلى القَوْل الأول فَلهُ تعريفات كَثِيرَة قد أودعت شرح مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب وَغَيره وَقد أَشَرنَا إِلَى رسمه بِمَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي الأَصْل فَقَوله معنى جنس الْحَد شَامِل لجَمِيع أَنْوَاع التصورات والتصديقات وَقَوله يَقْتَضِي السكونا لنَفس من قَامَ بِهِ فصل يخرج الظَّن وَالشَّكّ وَالوهم والتبخيت والتقيلد وَقَوله بِأَن مَا يُعلمهُ كَمَا اعْتقد أَي لَا يُمكن تغيره وَلَا يحْتَمل النقيض بِوَجْه من الْوُجُوه فصل ثَان يخرج بِهِ الْجَهْل الْمركب إِذْ هُوَ معرض للزوال لاحْتِمَال أَن يعرف صَاحبه حَقِيقَة الْأَمر فَانْدفع
1 / 56