لَا يَنْفَكّ أَحدهمَا عَن الآخر كَمَا لَا يَنْفَكّ الْعلم الْحَاصِل عَن الدَّلِيل عَن الْعلم بِوَجْه دلَالَة الدَّلِيل فَإِذا زَالَ ظن الْمَطَر كشف زَوَاله عَن زَوَال ظن الرُّطُوبَة فَإِنَّهُ هُوَ الأمارة لَا نفس الْغَيْم فَإِنَّهُ مشَاهد لَا مظنون وَلَا نفس الرُّطُوبَة فَإِنَّهَا فِي حيّز المجهولات لعدم تحققها إِلَّا بتحقق الْمَطَر نعم بَين الْعلم وَالظَّن فرق فَإِن الْعلم لَا يَنْفَكّ عَن مُتَعَلّقه بِخِلَاف الظَّن انْتهى بتلخيص وَخلاف الملاحمية لم يذكرهُ ابْن الْحَاجِب وَلَا شرَّاح كَلَامه بل أطبقوا على القَوْل الأول وَقَالَ الْعَضُد فِي تَعْلِيله إِنَّه لَيْسَ بَين الظَّن وَبَين شَيْء علاقَة لانتفائه مَعَ بَقَاء سَببه قَالَ عَلَيْهِ المقبلي فِي نجاح الطَّالِب وَلَا يسع عَقْلِي ذَلِك فَإِنَّهُ إِذا كَانَ الْغَيْم الرطب والبرق والرعد والوابل الَّذِي بَيْنك وَبَينه مثلا مائَة ذِرَاع متزاحفا إِلَيْك بِسُرْعَة يحصل مَعَك الظَّن قطعا وَرُبمَا انْكَشَفَ عدم وُصُول الْمَطَر إِلَى حيزك ثمَّ قَالَ وعَلى الْجُمْلَة فَكل صُورَة حصل عَنْهَا الظَّن فَإِنَّهُ يحصل عِنْد مساويها وكل عَاقل رَاجع نَفسه لَا يُنكر ذَلِك وَالَّذِي أَظُنهُ أَن مُوجب تطبيقهم بِسَبَب انْتِقَال ذهني من أَمارَة الظَّن إِلَى الظَّن وَمَعَ هَذَا فَهُوَ بعيد على الْجُمْهُور وتحقيقه أَن الدَّلِيل يلْزم عَنهُ الْعلم وَالْعلم يلْزمه مُطَابقَة الْمَعْلُوم وَلَا يجوز عدم الْمُطَابقَة إِذْ حَقِيقَته ذَلِك والأمارة يلْزم عَنْهَا الظَّن كلزوم الْعلم سَوَاء وهما عاديان لَا يفترقان لَكِن لَيْسَ من لَازم الظَّن الْمُطَابقَة وَلِهَذَا قد يحصل الظَّن وَلَا يحصل المظنون وَلَا يجوز حُصُول الْعلم وَلَا يحصل الْمَعْلُوم وَهَذَا الِافْتِرَاق غير ذَلِك الِاتِّفَاق وَكَأَنَّهُ اتّفق للنظار التباس أحد الْأَمريْنِ بِالْآخرِ وَقد بحثت عَن هَذَا جهدي فِي كَلَام الرَّازِيّ وَأَبُو الْحُسَيْن وَغَيرهمَا
1 / 55