الكثير ليشهد بأنه لم يكن مجرد ناقل لآراء شيوخه، فهو يناقشهم فيها، ولا يتردد في إبداء رأيه ولو كان ذلك مخالفا لآراء من نقل عنه، ويخرج عليه، ولا يحجم عن تأييد أقواله واستحسانها وتقبيحها واستبعادها حتى كانت أقواله وأحكامه وآراؤه إلى جنب أقوال شيوخه وآرائهم وأحكامهم دالة على أنه لا يقل عنهم شأنا، ولا ينقص فكرا وعلما وأصالة١.
المسائل التي تفرد بها ابن السراج:
إن كتاب الأصول قيض له أن يقع في أيدي الباحثين من علماء العربية، فوقفوا منه على هذه الثروة الطائلة من الأحكام والقوانين، فأطلقوا عليه مخترع علم الأصول مستندين في ذلك إلى ما جاء بالكتاب نفسه من القوانين العامة، كما أنهم استندوا إلى مقال المترجمين حين قالوا فيه ما قالوا، فهو يلفت الأنظار بموضوعه من ناحية وبعنوانه من ناحية أخرى، لهذا، فإن لابن السراج آراء كثيرة في كتب النحاة الذين جاءوا بعده، وسوف أعرض لجانب من هذه الآراء:
١- لمّا ظرف:
ذهب جمهور النحاة إلى أن "لمّا" في مثل: لما جاءني أكرمته "حرف وجود لوجود، أما ابن السراج فيذهب إلى أنها ظرف بمعنى "حين" تنفي عن الثاني ما وجب للأول فعلى هذا لا تقع بعد كلام فيه نفي٢. وهو يخالف النحاة من أن الظرف والجار والمجرور إذا وقعا خبرا أو حالا أو صفة لا يتعلقان بمحذوف تقديره: استقر أو مستقر إذ كان يرى أنها قسم مستقل بنفسه يقابل الجملتين الاسمية والفعلية٣.
_________
١ انظر الأصول ٢/ ٥٨٠، ٥١٠، ١١٤، ٤٠٢، وجـ١/ ٣١٣، ١١٦ ...
٢ المغني: ١/ ٣١٠. المصباح المنير ٢/ ٩٣٣.
٣ شرح ابن عقيل ١/ ٢١١. وهمع الهوامع ١/ ٩٩. وارتشاف الضرب/ ١٥٦.
1 / 25