هذا السماع، كذلك تمثل ما اضطر إليه قائله لضرورة الشعر وهو عربي فصيح، ولكنه لا ينبغي أن يرد في السعة؛ لأن للشعر ضروراته وأحكامه، والنوع الثالث: ما جاء شاذا خلاف القياس أو السماع، ولكنه صدر عن عربي فصيح فلا يمكن رده أو الحكم عليه بالخطأ أو تضعيف روايته.
تأثره بمن سبقه:
ينبغي هنا أن نقتصر على مجرد الإشارة إلى مصادر "كتاب الأصول" لنكون على بينة من أمر تأليف هذا الكتاب ومادته وتأثر صاحبه بمن سبقه من النحاة. في ثنايا الكتاب تقع على ذكر ابن أبي إسحاق "١١٧هـ" وعيسى بن عمر "١٤٩هـ"، وأبي عمرو بن العلاء "١٥٤هـ"، وأبي الخطاب الأخفش الأكبر "١٥٧هـ"، والخليل بن أحمد الفراهيدي "١٧٤هـ" ويونس بن حبيب "١٨٣هـ"، وأبي زيد الأنصاري "٢١٥هـ"، والأخفش الأوسط "٢٠٨هـ"، والجرمي "٢٢٥هـ" والمازني "٢٤٩هـ"، والرياشي "٢٥٧هـ" وأبي العباس المبرد "٢٨٥هـ"، من البصريين وعلى ذكر الكسائي "١٨٩هـ"، والأحمر "١٩٤هـ"، والفراء "٢٠٧هـ" والطوال "٢٤٣هـ"، وثعلب "٢٩١هـ"، من الكوفيين، ومما يشكل قسما من الكتاب ما نقله عن العرب كالحجازيين والتميميين وسائر القبائل العربية الأخرى١.
ولم يكن ابن السراج مجرد ناقل أو جامع يجمع الآراء ويقدمها للدارسين، بل كانت له مقدرة فائقة في التعليل والترجيح، كما تظهر أحكامه على حظ كبير من السداد والقبول شأن العالم المعتمد بعلمه المتأكد من صحة قوله وتصويب رأيه وكثرة حفظه وعمق إدراكه وتمكنه من الفهم، وإذا كان الأصول مليئًا بالكثير مما نقله ابن السراج عن غيره من شواهد وأحكام، فإن
_________
١ انظر الأصول ١/ ٨١، ٨٢، ١٤٤، ١٣٣، ٢٣٦، ٣٣٧، ١٥٥، وجـ٢/ ١٦٣، ١٧٧، ١٦٢، ١٦٦ ...
1 / 24