ويسمى (¬1) القرآن كلامه بما ذكرناه، كما يسمون ويقولون كلام النبي وقوله وألفاظه وحديثه، إذ لم يسبقه إلى تأليفه والنطق به أحد. ويقولون: شعر فلان وقصيدة فلان فيما استنبطه من نفسه ولم يسبقه إليه أحد من الناس أن يتناوله (¬2) من بعده.
ومن زعم أن القرآن جسم ليس بعرض، والقراءة فيه غيره، فليخبرنا عن هذا القرآن الذي يزعم (¬3) أنه جسم ما هو ؟ فإن قال: الكلام المقطع المسموع المفهوم، ثبت أن الكلام الذي هو قول العباد [و] (¬4) لفظهم ليس بفعلهم، لأنه جسم، والجسم لا يفعل جسما.
وإن قال: إنه غير الكلام المسموع الذي هو قول وصوت منا، فليخبرنا ما هو إذا؟ ولا يقدر أن يأتي بحجة فيه ولا بيان. وكفانا منهم ردهم على الله في قوله: { فأجره حتى يسمع كلام الله } (¬5) . وردوا ما ذكرناه في صدر الكتاب من قول سراة الجن وأخيارهم، وما أمروا به من الإنصات إليه (¬6) إذا قرئ، وما اجتمعت عليه الأمة من أن (¬7) قراءة القرآن والاستماع إليه من أفضل العبادات./[53] وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : « ستأتي البقرة وآل عمران لقارئهما كأنهما غمامتان أو غيابتان » (¬8) .
وفضائل القرآن أكثر من أن (¬9) آتي بها، وليس هذا موضعه (¬10) وإنما قصدنا إلى بيان الحق وإظهار (¬11) قول المسلمين في القرآن من قول غيرهم. وإن كان بعض الناس يقولون: مسألة حار فيها المتكلمون. وإنما يحار فيها من قل فهمه وضاق صدره.
¬__________
(¬1) 23) ب، م: سمى.
(¬2) 24) م: يتناولونه.
(¬3) 25) - من ب، وفي م: زعم.
(¬4) 26) + من ج.
(¬5) 27) سورة التوبة: 06.
(¬6) 28) في ت: به. وما أثبتناه من: ب، ج، م.
(¬7) 29) - من ب.
(¬8) 30) ج: غيايتان . وفي لسان العرب إنما سمي غماما لأنه يغم السماء أي يسترها. وغيابة كل شيء ما سترك منه. ولم أتمكن من معرفة الحديث.
(¬9) 31) + من ب، ج، م.
(¬10) 32) م: موضوعه.
(¬11) 33) ب: إيضاح.
صفحه ۱۴۸