الكتاب
إن الكتاب على صغر حجمه، ودقة جرمه له أهميته ومنزلته في المكتبة العربية، وهذه المنزلة تتبدّى أولا بعنوانه، فهو أوّل كتاب يفرد في عنوانه «السجن» ويجعل منه علامة يتوقف عندها، ومنبرا يشدّ القارئ إليه، فانفراده وأوّليته-في هذا المضمار-في أدبنا العربي، وربّما يكون أوّل كتاب يوقف لدراسة هذه الظاهرة في الآداب العالمية، يدللّ على إنسانية أدبنا، وتعاطفه مع الإنسان في جميع حالاته: بسموّه وارتفاعه، بوسطيّته واعتداله، بانحرافه وضلاله، فيبقى الإنسان إنسانا، ويبقى الأصل: فِطْرَتَ اَللهِ اَلَّتِي فَطَرَ اَلنّاسَ عَلَيْها [الروم:٣٠] وتبقى حالة التمرّد والعصيان هي الحالة الشاذة العابرة، واستطاع أدبنا أن يكون مع هذه الحالات الثلاث مع الإنسان وله.
وتتبدّى أهمية الكتاب أيضا بنصوصه ومادّته، فإن كثيرا من نصوصه يكاد ينفرد بها، ويقف شاهدا على كتب فقدت من مكتبتنا، انظر على سبيل المثال الأخبار (٢٥٢ انظر الصفحة ٩٩ منه،٤١٢،٥١٣،٦٠٢).
والكتاب يعدّ من كتب الأدب العامة، ولئن كانت تسميته ب: «أنس المسجون وسلوة المحزون» فإنّما هو من باب تسمية الكلّ باسم الجزء.
وعادة تسمية الكل باسم الجزء عادة متّبعة في تراثنا تستند لنفاسة هذا الجزء، أو لأنّ مدار الكتاب عليه، وفي القرآن الكريم سميت كثير من السور باسم آيات فيها: كسورة البقرة، سميت باسم البقرة لورود قصتها في آيات منها، وسورة هود، ومريم. . . ومن هذا الباب سمّى أبو تمام كتابه «الحماسة».
1 / 18