ادبای عرب در عصر عباسی
أدباء العرب في الأعصر العباسية
ژانرها
ولعل شخصيته تذوب في أكثرها عندما يمدح الرشيد والبرامكة؛ لأن الرشيد كان مهيبا، فيترصن في مدحه أكثر مما يترصن في مدح غيره من الأمراء الذين تقرب إليهم ونادمهم فأصبح له دالة عليهم، وهكذا كان شأنه في مدح البرامكة؛ لأن هؤلاء لم يقربوه كثيرا، فتوسل إليهم بالمديح خشية منهم، وطمعا في نوالهم.
وكان في مدح الأمين أصدق عاطفة منه في مدح غيره، ولا غرو فإنه أحب الأمين، وكان له خلا ونديما، وأكثر ما ينعته بالشباب والجمال، وشرف الأخلاق، وسخاء الكف، وحسن التدين، وغير ذلك من النعوت الحسنة، وله قصيدة قالها في العباس بن عبيد الله بن أبي جعفر المنصور هي من أطيب شعره وأروعه، تمثل أبلغ تمثيل لغة الشاعر وأسلوبه في المدح، وقد استهلها بخطاب صاحب له، خانه في مودته ومال إلى غيره؛ فتخلى أبو نواس منه، وطرده عنه، وافتخر عليه بأصحابه ووفائه لهم، وبسعة صدره وطول أناته في مداراة الخلان، وإن كانوا ينطوون على حقد وبغضاء.
ثم ينتقل انتقالا بديعا إلى وصف بعيره الذي قطع به القفار إلى ممدوحه، فيتخلص بذلك إلى المدح.
فهذه القصيدة من أبلغ شعره الجدي وأشرفه لفظا ومعنى، وأوقعه رنة ونغما، فقد ارتفع بها الشاعر ارتفاعا أدهش الرواة وعلماء اللغة، ففضلها أبو عبيدة على قصيدة امرئ القيس التي أولها: رب رام من بني ثعل.
ولما سمعها ابن الأعرابي قال: «أحسن والله، لو تقدم هذا الشعر في صدر الإسلام لكان في صدر الأمثال السائرة.» وكان أبو نواس يقول: «إذا أردت الجد قلت مثل قولي: أيها المنتاب عن عفره.»
رثاؤه
ليس في رثاء أبي نواس كبير غناء، فكأن نفسه في تطلبها السرور، ونفورها من الأشجان؛ أبت عليه أن يعرف الحزن الصحيح فيجيد الرثاء، ولم يكن له أسرة يهمه أمرها فيحزن إذا أصيب أحدها بمكروه.
وروي له بيتان في رثاء ابن له، ولا ندري كيف جاءه هذا الولد؛ لأن رواة أخباره يؤكدون أنه أعرض عن عروسه وطلقها يوم زواجه بها، فلم تبت ليلة عنده، ومنهم من يزعم أنه لم يتزوجها، وهبه رزق ولدا منها أو من غيرها فليس في رثائه لهذا الولد شيء من الحنو الأبوي، وإليك ما يقول فيه:
لعمرك ما أبقى لنا الموت باقيا
نقر به عينا غداة نئوب
صفحه نامشخص