فمن القرآن الكريم: قوله تعالى: (إِنَّما جَزاءُ الْذِيْنَ يُحَارِبُوْنَ اللهَ وَرَسُوْلَهُ وَيَسْعَوْنَ فِيْ الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ، ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِيْ الدُّنْيا. وَلَهُمْ فِيْ الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيْمٌ، إِلَّا الَّذِيْنَ تابُوْا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوْا أَنَّ اللهَ غَفُوْرٌ رَحِيْمٌ) المائدة ٣٣ - ٣٤. وقوله تعالى: (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِيْنَ اِقْتَتَلُوْا فَأَصْلِحُوْا بَيْنَهُما. فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوْا الَّتِيْ تَبْغِيْ حَتَّى تَفْيْءَ إِلى أَمْرِ اللهِ. فَإِنْ فاءَ تْ فَأَصْلِحُوْا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوْا إِنَّ اللهَ يُحِبُ الْمُقْسِطِيْنَ) . الحجرات ٩. ومن السنة النبوية: ما أخرجه الحاكم عن رسول الله (ص) أنه قال: " يا ابن أم عبد، هل تدري كيف حكم الله فيمن بغى من هذه الأمة؟ " قال: الله ورسوله أعلم. قال " لا يجهز على جريحها، ولا يقتل أسيرها، ولا يطلب هاربها، ولا يقسم فيئها ". وهذا ما سار عليه الإمام علي ﵁ في مقاومته للبغاة. فالبغاة حسب نصوص القرآن والسنة هم: - الذين يحاربون الله ورسوله، أي يحاربون الإسلام. ويمنعون من تطبيقه والعمل به، سواء بتطبيق غيره من التشريعات، أو بمنع أهله من العمل به والدعوة إليه. - الذين يسعون بالفساد في الأرض، سواء كان الفساد قتلًا أو قطعًا للطريق، أو نشرًا للفواحش وإشاعةً لها بين المؤمنين؛ كما هو معمول به حاليًا في كثير من أقطار المسلمين، من تنظيم رسمي لدور الدعارة والقمار والخمر، وسياحة الفجور، وتقنين تشريعي لأساليب سلب الأمة سيادتها وثرواتها، وتركيعها للأجنبي. قد يقوم بهذه الأعمال فرد واحد له عصابة تأتمر بأمره، وقد تقوم بها طائفة جمع بينها الجنوح للبغي الذي هو الإفساد ومحاربة الإسلام. إلا أنه كان على الاجتهاد الفقهي في هذا الموضوع، أن يتريث ويتدبر، وأن يبدأ أولًا بتحديد من هم البغاة قرآنًا وسنةً؛ وهو ما لم يفعله أغلب المجتهدين، الذين كادوا يجمعون على أن البغاة هم الخارجون على الحاكم، سواء فسق الحاكم أو ظلم أو كفر؛ وبذلك صار اجتهادهم نفسه بغيًا على الأمة وظلمًا لها. إن الاجتهاد الفقهي في هذا الموضوع يمشي على رأسه، بدل أن يقف على رجليه؛ وينبغي أن تبذل الجهود الصادقة المخلصة، لإعادته إلى الوضع الطبيعي مفكرًا بعقله، لا بأعصابه المُرهبة المرتعشة، ساعيًا ببصيرة القرآن والسنة.
- النص المحقق -
كتاب تحفة الترك
فيما يجب أن يعمل في الملك
وضمنه
كتاب النور اللامع فيما يعمل به في الجامع
تأليف قاضي قضاة دمشق
نجم الدين إبراهيم بن علي الحنفي الطرَسوسي
٧٢٠هـ - ٧٥٨ هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
[اللهم صل على سيدنا محمد الذي بلغ الرسالة وأدى الأمانة] ([٣]) . الحمد لله مالك الملوك، رب الملوك، واجب الوجود بلا ارتياب ولا شكوك، الدائم في سلطانه ([٤])، المتفضل بإنعامه الشامل، وإحسانه ([٥]) . الذي جعل الدنيا للعالم دولًا ([٦])، والجنة للمتقين [من عباده] ([٧]) نزلًا. (٢/س١) (٢/س٢) أحمده حمد من وفقه لإصلاح عمله ([٨])، [حتى بلغه نهاية سؤله وأمله. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له] ([٩])، شهادة أتخذها للمعاد حصنًا، ولأهوال يوم الفزع أمنًا. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، سيد البشر، والمشفع في الأمم في المحشر، وصاحب اللواء والحوض والكوثر. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، الذين ما [أحد] ([١٠]) منهم/ إلا قام في نصرة ([١١]) الدين، وشمر ([١٢]) وجاهد في الله الجهاد الأكبر. / صلاة لا تزال [نفحات أرجها] ([١٣]) بعرف المسك الزكي تتعطر ([١٤])، وسلم تسليمًا، [امتد أمده ولم يتحصر] ([١٥]) . وبعد، فإن الله تعالى، جعل حفظ نظام الأنام بالسلطان. وأدام له الأيام، [بالعدل] ([١٦]) في الشريعة والإحسان. ورأيت الواجب في هذا الزمان، بذل النصيحة له بقدر الإمكان. بتأليف كتاب يشتمل على فصول، يجتمع ([١٧]) فيها أنواع مصالح الملك، مما [تعتمد عليه] ([١٨]) الملوك، وبيان طريق يدوم لهم بها [الملك] ([١٩])، بأحسن ([٢٠]) السلوك. ولم أقصد بذلك سوى القيام بهذا الواجب. وحفظ نظام الملك [لمن هو في] ([٢١]) اتباع الشرع / من الملوك راغب. رجاء أن تلحق ([٢٢]) [ملوكنا] ([٢٣]) بالخلفاء الراشدين (٧٢)، والأئمة المهديين. أو بما هو أعلى وأغلى من الأمويين ([٢٤]) (٧٣)، اتباع سيرة عمر [بن عبد] ([٢٥]) العزيز (٧٤) [ذي العز والتمكين] ([٢٦]) .
_________
[٣] ([٣]) سقط من: ب، س٢، س٣، س٤. [٤] ([٤]) في س١: "بسلطانه ". [٥] ([٥]) في س١: " وإحسانه ". [٦] ([٦]) في ب: " للعام درلا ". [٧] ([٧]) سقط من: ب. [٨] ([٨]) في ب: "علمه " [٩] ([٩]) سقط من: ب. [١٠] ([١٠]) سقط من: س٢، س٣، س٤. [١١] ([١١]) في ب: "نصر ". [١٢] ([١٢]) في ب: " وشهد ". [١٣] ([١٣]) سقط من: ب. [١٤] ([١٤]) في ب: تتعتر. [١٥] ([١٥]) سقط من: س٢، س٣، س٤. [١٦] ([١٦]) في ب: " بالقبول بالعدل ". [١٧] ([١٧]) في: س٢، س٣، س٤، يجمع. [١٨] ([١٨]) في: س٢، س٣، س٤،: " تعتمده ". [١٩] ([١٩]) سقط من: س٢، س٣، س٤. [٢٠] ([٢٠]) في س٢، س٣، س٤: " حسن ". [٢١] ([٢١]) سقط من: ب [٢٢] ([٢٢]) في س٢، س٤: " يلتحق ". [٢٣] ([٢٣]) سقط من ب. [٢٤] ([٢٤]) في جميع النسخ: " الأمرين " ولا يستقيم المعنى إلا بتقدير " الأمويين " إذ عمر بن عبد العزيز أغلى وأعلى منهم باتفاق. [٢٥] ([٢٥]) سقط من ب. [٢٦] ([٢٦]) سقط من: س٢، س٣، س٤ - وفي ب: " ذي العزة والمتمكن ".
1 / 26