وقال أبو جعفر الوراق أيضا سمعت محمد بن إسماعيل يقول: قال لي محمد بن سلام -يعني البيكندي-. انظر في كتبي فما وجدت فيها من خطأ فاضرب عليه، كي لا أرويه قال ففعلت ذلك، وكان محمد بن سلام كتب عند الأحاديث التي أحكمها محمد بن إسماعيل: رضي الفتى. وفي الأحاديث الضعيفة: لم يرض الفتى. فقال له بعض أصحابه: من هذا الفتى؟ فقال: هو الذي ليس مثله، محمد بن إسماعيل. وقد بلغنا أن البخاري فعل هذا بكتب البيكندي وهو ابن سبع عشرة سنة أو دونها. ولم يزل -رحمه الله- مجتهدا من صغره إلى آخر عمره.
خرج الحافظ أبو بكر الخطيب في ((تاريخه)) من طريق أحمد بن محمد بن عمر بن بسام المروزي سمعت أحمد بن سيار يقول: ومحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي أبو عبد الله، طلب العلم، وجالس الناس، ورحل في الحديث، ومهر فيه وأبصر، وكان حسن المعرفة، حسن الحفظ، وكان يتفقه.
كانت رحلة البخاري -رحمه الله- في طلب الحديث إلى معظم البلاد، وكتب بخراسان، والجبال، ومدن العراق كلها، وبالحجاز والشام ومصر، وأخذ عن الحفاظ النقاد، لقي مكي بن إبراهيم بخراسان، وأبا عاصم بالبصرة، وعبيد الله بن موسى بالكوفة، وأبا عبد الرحمن المقرئ بمكة، ومحمد بن يوسف الفريابي بالشام، وكتب عن خلق حتى عن أقرانه كأبي محمد الدارمي، وأبي زرعة، وأبي حاتم الرازيين، وأشباههم حتى كتب عمن هو دونه، كعبد الله بن حماد الأملي، وحسين القباني وغيرهما.
صفحه ۱۸۴