واعلم أن العبد إذا كان الغالب عليه الخوف فى حال الصحة والرجاء فى حال المرض كان ملطوفا به وأن الحب فى الله وصحة الصحبة فى الله يرجى لصاحبهما الخير فى الدنيا والآخرة.
حكايات للموعظة:
وقد حكى فى المعنى الشيخ الصالح العارف عز الدين بن غانم المقدسى فى كتابه المسمى «بأفراد الأحد عن أفراد الصمد» أن صبيين اصطحبا فى مكتب الحساب أحدهما مسلم والآخر نصرانى وصحت بينهما الصحبة وصفت لهما المحبة إلى أن كبرا وخرجا من المكتب، وكل واحد منهما على دينه ، ثم إن المسلم مرض واشتد عليه المرض فعاده النصرانى فرآه يجود بنفسه فجلس عند رأسه ينظر إليه ويبكى أسفا عليه فلما رآه المسلم يبكى رق قلبه إليه وبكى وقال يا فلان: ادع الله تعالى أن يغفر لى فقال له النصرانى:
وكيف يسمع دعائى وأنا على غير دينك، فقال المسلم: بلى فإنه قد رق لى قلبك وصفى سرك، وجرى دمعك والدمعة تطفىء غضب الرب عز وجل وتمحو عظائم الذنوب، قال فرفع النصرانى يده يدعو له بالمغفرة ثم انصرف من عنده فمات المسلم من يومه فرآه والده فى تلك الليلة فى المنام، فقال يا بنى ما فعل الله بك قال، يا أبت غفر الله سبحانه وتعالى لى بدعوة صاحبي النصرانى، قال فلما أصبح أبوه انطلق إلى النصرانى وتشكر له وأخبره بما رآه فى نومه وحدثه بحديث ولده له وأنه قد رأى قصرا عظيما لا توصف حيطانه إلى جانب قصر ولده، فقال له لمن هذا؟ قال له: لصاحبي النصرانى، قال فلما حدثه تبسم وقال له امسك عليك فإنى الليلة كنت عنده وتسلمت مفاتيح القصر، قال له بماذا؟ قال بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول
صفحه ۱۳