تحفة الأعيان لنور الدين السالمي
تحفة الأعيان لنور الدين السالمي
أتاه وحلما وانتظارا بكم غدا= ... ... فما أنا بالواني ولا الضرع الغمري كفكف غربك واستوقف سربك وأودع العصا بلحاها والدلو برشاها فإن من روتها ورأيها أن امتحنا أروينا , وإن قدحنا أورينا , وإن نكينا أدمينا بحول لله وقوته لا بحول مني ولا قوة , وأنا متوكل على الله ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره ) وأنا كاره للفتنة ومبغض للفرقة ومجاهد على الصحبة , أرجو من الله إذا لم تقبلوا نصيحتي وتركنوا إلى قولي أن يرجع بغيكم عليكم لقوله تعالى ( يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم غلينا مرجعكم ) وإذا عدم القتال وفرغ من اليحمد فقد فرغ , إلا أن الشيء من معادنه , وإن لم يوجد في معادنه فهو في غير معادنه أعدم , وقال شعرا:
نصحنا لهم نصحا فجاؤا ببغيهم ... = ... وكنا لهم سلما فصاروا لنا حربا
فقلنا عسى أن ينتهوا عن فعالهم ... = ... فيستوجبوا منا بان نغفر الذنبا
فلما أبوا إلا اعتمادا لشرهم ... = ... وبغيا جزيناهم إلى شرهم حربا
وقلنا لهم ذوقوا وبال أموركم ... = ... ومن يسق مر الماء لم يطعم العذبا
فواعجبا أكل هذا عمى أم تعام , لكنه تعام وطمع في غير مطمع وقال شعرا:
ليوث عرين كافحت عن عرينها ... = ... ويلقون جهلا أسدها بالثعالب
كأني أراكم قد بعثتم عظيمة ... = ... سمام الأفاعي دونها للعقارب
فحلوا كتافيها وشدوا وثاقها ... = ... فإن لها كفا مر وحالب
فإنا لا نحسر على مفارقتكم ونلهف على مقاطعتكم حفظا لأضر أو تحفظا للود السالف , ورجاءا للمستأنف وكأني أقرع حجرا صما أو أكلم أخرصا أو أصما فإنا لله وإليه راجعون , إذ تقاطعون من لا يشتهي مقاطعتكم وتفارقون من لا يشتهي مفارقتكم , ولكن قد قال الله تعالى ( ثم قست قلوبكم بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة ) وقال الشاعر :
ولست بباغي الشر والشر تاركي= ... ... ولكن متى أحمل على الشر أركب
( وقال آخر )
صفحه ۳۰۴