بحيث يرمق ويمد إليه النظر فيها، ولا أطمارًا (١)، ولا غليظة تشهر حال لابسها ويميز من عامة النَّاس بصفة خاصة يراه النَّاس فيها، بل كان لباسه وهيئته كغالب النَّاس ومتوسطهم، ولم يكن يلزم نوعًا واحدًا من اللباس فلا يلبس غيره. كان يلبس ما اتفق وحصل، ويأكل ما حضر، وكانت بذاذة (٢) الإيمان عليه ظاهرة، لا يرى متصنعًا في عمامة، ولا لباس، ولا مشية، ولا قيام، ولا جلوس، ولا يتهيأ لأحد يلقاه، ولا لمن يرد عليه من بلد. . . " (٣).
وقال في كرمه:
"كان ﵁ مجبولًا على الكرم، لا يتطبعه ولا يتصنعه، بل هو له سجية. . . وكان لا يرد من يسأله شيئًا يقدر عليه من دراهم ولا دنانير، ولا ثياب ولا كتب ولا غير ذلك، بل ربما كان يسأله بعض الفقراء شيئًا من النفقة، فإن كان حينئذ متعذرًا لا يدعه يذهب بلا شيء، بل كان يعمد إلى شيء من لباسه فيدفعه إليه، وكان ذلك المشهور عند النَّاس من حاله. . . " (٤).
ومما قاله في شجاعته وجهاده:
"كان من أشجع النَّاس، وأقواهم قلبًا، ما رأيت أحدًا أثبت جأشًا منه، ولا أعظم عناء في جهاد العدو منه، كان يجاهد في سبيل الله بقلبه ولسانه ويده، ولا يخاف في الله لومة لائم.
أخبر غير واحد أن الشَّيخ ﵁ كان إذا حضر مع عسكر المسلمين في جهاد يكون بينهم أوقفهم، وقطب ثباتهم، إن رأى من بعضهم
_________
(١) الأطمار: جمع طمر- بالكسر، وهو الثوب الخلق.
انظر: مختار الصحاح -لابن أبي بكر الرازي- ص: ٣٩٧ (طمر).
(٢) قال ابن الأثير في "النهاية" ١/ ١١٠: "البذاذة رثاثة الهيئة، يقال: بذّ الهيئة وباذ الهيئة: أي رث اللبسة. أراد التواضع في اللباس وترك التبجح به".
(٣) الأعلام العلية- ص: ٥١.
وانظر: الكواكب الدرية لمرعي الحنبلي- ٨٧.
(٤) الأعلام العلية- ص: ٥٩.
وانظر: الكواكب الدرية -لمرعي الحنبلي- ص: ٨٦.
1 / 29