أهل بلد بعيد: من كان أزهد أهل هذا العصر وأكملهم في رفض فضول الدُّنيا، وأحرصهم على طلب الآخرة؟ لقال: ما سمعت بمثل ابن تيمية. . . " (١).
ومما قاله في إيثاره، مع فقره:
". . . كان ﵁ مع شدة تركه للدنيا ورفضه لها، وفقره فيها، وتقلله منها، مؤثرًا بما عساه يجده منها قليلًا كان أو كثيرًا. . . لا يحتقر القليل فيمنعه ذلك عن التصدق به، ولا الكثير فيصرفه النظر إليه عن الإسعاف به، فقد كان يتصدق، حتَّى إذا لم يجد شيئًا نزع بعض ثيابه، ممَّا يحتاج إليه، فيصل به الفقير، وكان يستفضل من قوته القليل الرغيف والرغيفين، فيؤثر بذلك على نفسه. . . " (٢).
وقال في تواضعه:
"ما رأيت ولا سمعت بأحد من أهل عصره مثله في ذلك، كان يتواضع للصغير والكبير. . . والغني والفقير، وكان يدني الفقير الصالح ويكرمه ويؤنسه ويباسطه بحديثه المستحلى زيادة على مثله من الأغنياء، حتَّى إنه ربما خدمه بنفسه، وأعانه بحمل حاجته، جبرًا لقلبه، وتقربًا بذلك إلى ربه.
وكان لا يسأم من يستفتيه أو يسأله، بل يقبل عليه ببشاشة وجه، ولين عريكة، ويقف معه حتَّى يكون هو الذي يفارقه. . . ولا يحرجه ولا ينفره بكلام يوحشه، بل يجيبه ويفهمه ويعرفه الخطأ من الصواب بلطف وانبساط. . . " (٣).
وقال في لباسه وهيئته:
"كان ﵁ متوسطًا في لباسه وهيئته، لا يلبس فاخر الثياب
_________
(١) راجع: الأعلام العلية- ص: ٤٤، ٤٥.
وانظر: الكواكب الدرية -للشيخ مرعي الحنبلي- ص: ٨٤.
(٢) راجع: الأعلام العلية- ص: ٤٧.
وانظر: الكواكب الدرية -للشيخ مرعي الحنبلي- ص: ٨٥.
(٣) راجع: الأعلام العلية- ص: ٤٨، ٤٩.
وانظر: الكواكب الدرية -للشيخ مرعي الحنبلي- ص: ٨٨.
1 / 28