وإذا أرسل في طلب «طلبيات» (معينة)، فإنه لا يقول: «سأكون شاكرا لو تفضلت ...»، بل يقول: «أريد أن يتم هذا»، و«لقد أرسلت إليك لتحضرها»، و«هكذا يجب أن تنفذ تعليماتي بدقة» و«بأقصى سرعة ممكنة».
الفصل الخامس والعشرون
الجبان
(1)
الواقع أن الجبن يبدو «على هيئة» تخاذل للنفس مبعثه الخوف. أما الجبان فهو الشخص الذي يؤكد: (2)
عندما يكون في رحلة بحرية، أن الصخور (التي بدأت تتراءى للعين) هي سفن قراصنة، وإذا ارتفع الموج ارتفاعا طفيفا سأل إن كان هناك أحد على ظهر السفينة لم يكرس في عبادة الأسرار، ثم يتجه إلى «الشخص» الممسك بالدفة ليعرف منه إن كان يتابع الاتجاه الصحيح، وما هي في رأيه حالة الطقس، ويقول لجاره إن «سبب» الخوف الذي يشعر به يرجع للحلم الذي رآه، ثم يخلع سترته ويناولها لعبده، ويتوسل المساعدة على الوصول للشاطئ. (3)
وفي أثناء الحرب، عندما يبدأ المشاة في الزحف، ينادي على جميع المواطنين (من بلده) ويطلب منهم أن يلتفوا حوله، وأن يقوموا باستطلاع «المنطقة المحيطة بهم»، ويقول إن من الصعب تحديد الأعداء «أو تمييزهم». (4)
وإذا سمع ضجة ورأى البعض يسقطون «قتلى»، قال للمحيطين به إنه نسي «أن يحضر» سيفه بسبب اللهفة (والسرعة)، ثم يجري إلى خيمته ويأمر عبده بأن يخرج ويرصد مواقع الأعداء، وفي هذه الأثناء يخفي سيفه تحت المخدة، ويضيع وقتا طويلا في بحثه المزعوم عنه. (5)
عندما يرى من «مكانه في» الخيمة أنهم يحضرون أحد الجرحى من أصدقائه، فإنه يسرع بالذهاب إليه ويشجعه، ويساعد في حمله، ثم يقوم برعايته، ويغسل جرحه وينظفه، ويجلس إلى جواره ويهش الذباب عنه، ويفعل كل شيء (ممكن) فيما عدا «الاشتراك» في الحرب ضد الأعداء. وحين يطلق نافخ البوق إشارة «الهجوم» يبقى ملازما لخيمته وهو يقول: «داهية تأخذك! إن صوته المدوي لا يترك الإنسان ينام «لحظة»!» (6)
ثم يقابل الرجال العائدين من المعركة وهو مخضب بدم الجريح، ويحكي لهم عن الخطر العظيم الذي تعرض له: «لقد أنقذت أحد الأصدقاء.» ويأخذ رفاقه من نفس القبيلة (أو العشيرة) إلى داخل الخيمة «لكي يروا» الجريح، ويصف كل واحد منهم على حدة كيف أحضر الرجل بنفسه وحمله بيديه إلى الخيمة.
صفحه نامشخص