وأقبلت فتاتان، إحداهما شقراء الشعر خضراء العينين ناصعة البشرة، وإن شاب بياضها قليل من النمش لا يعيب جمالها، والثانية سمراء ممشوقة القوام سوداء الشعر، وكان في كلتيهما عزة لا توحي برخص. وأقامت الفتاتان قليلا، وخرجتا بعد حديث قصير تناول الجو ومصر الجديدة والمواصلات. ولحق بهما العجوز، وقال خيري: ما هذا؟ - وما شأنك؟ أيهما تختار؟ - ممن؟ - ليلى أم يسرية؟ - أهما ...؟ - نعم. - كان يقول: أختاك! - كلام. - كلام؟! أليس أباهما؟! - نعم.
ويقول: أختاك! وتقول: يا عمي! - يا سيدي كلام، أنا لم أعرف العائلة إلا أمس، يا أخي لا تضع الوقت.
وفكر خيري في كلمة الأخوة التي قدسها، ورجع به ذهنه إلى دولت، ولكن نجيب سارع يقول: انطق.
وعاد بذهنه إلى ما هو فيه، لقد كان يريد الشقراء، فهو يحب الشقراوات، ولكن الآن، في هذه اللحظة يريد السمراء، إنها سمراء كدولت، كدولت في سمارها على الأقل.
قال دون أن يحس: السمراء. - تترك ثلاثين قرشا في الحجرة.
ودخل الرجل، العم، وجلس ثانية، وبدأ حديثا عن الجامع الذي يقوم بجمع المال له؛ لأن مصر الجديدة تكاد تخلو من الجوامع، وقال نجيب: هذا مشروع عظيم يا عمي، أتسمح أن أساهم فيه؟ - بكل سرور يا بني. - عشرة قروش تكفي؟ - عظيم، كله لله.
وسارع خيري يقول: تسمح لي أنا أيضا؟ - تشكر يا بني، أنت ابن حلال.
ونادى صوت من الخارج: نجيب، أريدك في كلمة.
وقام نجيب وهو يقول: عن إذنك يا عمي، تعال يا خيري لترى الشقة.
وقام خيري وهو يقول: تسمح لي يا ...
صفحه نامشخص