44

The Foundational Methodology for Studying Analytical Exegesis

المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي

ژانرها

وكان منهجه في التفسير وفق الأصول التالية: الأصل الأول: اعتماده على التفسير بالمأثور وهو التفسير بالأحاديث الثابتة عن النبي ﷺ، أو أقوال الصحابة أو التابعين في تفسير معاني الآيات؛ وقد كان يُنكر بشدة على من يفسر القرآن بمجرد الرأي فحسب، ولكنه يُرجِّح أو يصوب أو يوجِّه قولًا لدليل معتبر لديه. الأصل الثاني: تحذيره من تفسير القرآن بالرأي المجرد فيقول: "أن ما كان من تأويل آي القرآن الذي لا يدرك علمه إلا بنص بيان رسول الله ﷺ أو بنصبه الدلالة عليه؛ فغير جائز لأحد القيل فيه برأيه، بل القائل في ذلك برأيه -وإن أصاب الحق فيه- فمخطئ فيما كان من فعله، بقيله فيه برأيه؛ لأن إصابته ليست إصابة موقن أنه محق، وإنما هو إصابة خارص وظان. والقائل في دين الله بالظن، قائل على الله ما لم يعلم. وقد حرم الله جل ثناؤه ذلك في كتابه على عباده، فقال: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٣]، فالقائل في تأويل كتاب الله، الذي لا يدرك علمه إلا ببيان رسول الله ﷺ، الذي جعل الله إليه بيانه، قائل بما لا يعلم وإن وافق قيله ذلك في تأويله، ما أراد الله به من معناه؛ لأن القائل فيه بغير علم، قائل على الله ما لا علم له به" (^١). الأصل الثالث: عنايته بالأسانيد يقف على الأسانيد، فقد اشتمل كتابه على عدد كبير من الأحاديث والآثار المسندة، منها الصحيح ومنها الضعيف، فتراه لا يقبل أي رواية إلا بعد تأمل، وقد أشار جلال الدين السيوطي في (الإتقان) إلى مواضع الأحاديث والآثار الضعيفة في التفسير (^٢). الأصل الرابع: عنايته بالقراءات كانت عناية الطبري بالقراءات بالغة الأهميّة عكست عمق اطّلاعه في هذا الفنّ من العلوم، ولا يخفى ما لاختلاف وجوه القراءات المشهورة من أثر في توجيه معاني آيات القرآن الكريم (^٣).

(^١) تفسير الطبري جـ ١، فصل: الأخبار في النهي عن تأويل القرآن بالرأي، ص ٧٨، ٧٩. (^٢) لمحات في علوم القرآن واتجاهات التفسير، الدكتور محمد لطفي الصباغ، ص ٢٧٥ (^٣) الدريني فتحي: دراسات وبحوث في الفكر الإسلامي المعاصر ج ١ ص ٢١٩ - ٢٢٠.

1 / 44