179

The Foundational Methodology for Studying Analytical Exegesis

المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي

ژانرها

الْإِشْفَاقِ. فَقَال: بِاللَّهِ، أَيِ: الْمَلِكِ الْأَعْظَمِ الَّذِي لَا كُفُؤَ لَهُ، ثُمَّ عَلَّلَ هَذَا النَّهْيَ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ﴾ [لقمان: ١٣] أَيْ: بِنَوْعَيْهِ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ، أَيْ: فَهُوَ ضِدُّ الْحِكْمَةِ؛ لِأَنَّهُ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، فَظُلْمهُ ظَاهِرٌ مِنْ جِهَاتٍ عَدِيدَةٍ جِدًّا، أَظْهَرُهَا أَنَّهُ تَسْوِيَةُ الْمَمْلُوكِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ مِنْ ذَاتِهِ إِلَّا الْعَدَمُ نِعْمَةً مِنْهُ أَصْلًا بِالْمَالِكِ الَّذِي لَهُ وُجُوبُ الْوُجُودِ، فَلَا خَيْرَ وَلَا نِعْمَةَ إِلَّا مِنْهُ، وَفِي هَذَا تَنْبِيهٌ لِقُرَيْشٍ وَكُلِّ سَامِعٍ عَلَى أَنَّ هَذِهِ وَصِيَّةٌ لَا يُعْدَلُ عَنْهَا، لِأَنَّهَا مِنْ أَبٍ حَكِيمٍ لِابْنٍ مَحْنُوٍّ عَلَيْهِ مَحْبُوبٍ، وَأَنَّ آبَاءَهُمْ لَوْ كَانُوا حُكَمَاءَ مَا فَعَلُوا إِلَّا ذَلِكَ، لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مَا عَلَيْهِ مَدَارُ النِّعَمِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ، الْعَاجِلَةِ وَالْآجِلَةِ، وَهوَ الْأَمْنُ وَالْهِدَايَةُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ فَإِنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ تِلْكَ الْآيَةُ كَمَا فِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّهُ لَيْسَ بِذَاكَ، أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: ١٣]» (^١).
وقوله سبحانه: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ الظاهر أنه من كلام لقمان، لأنه حكيم أتى بالموعظة وعللها، شأنها كشأن مواعظه كلها، وأن سياق موعظة لقمان سياق متصل لم ينقطع كما بين ابن عاشور وغيره، والله أعلم.
الجانب الرابع: بيان أنواع الشرك:
والشرك ثلاثة أنواع:
الأول: الشرك الأكبر
وهو مساواة غير الله بالله فيما هو من خصائصه تعالى، وهو ثلاثة أنواع، يتعلق كل نوع بأنواع التوحيد الثلاثة:
١ - الشرك في الربوبية.
٢ - الشرك في توحيد الأسماء والصفات.
٣ - الشرك في توحيد الألوهية.

(^١) نظم الدرر للبقاعي (٦/ ١٦٢) بتصرف يسير.، والحديث أحرجه البخاري برقم (٤٤٩٨)، يُنظر فتح الباري بشرح صحيح البخاري (٨/ ٣٧٢).

1 / 179