The Fifth Pillar
الركن الخامس
ناشر
دار اقرأ للطباعة والنشر والتوزيع
محل انتشار
دمشق- سوريا
ژانرها
إنَّ هذا الوادي ليشهدُ أنه ﷺ أدى أمانة هذا الدين إلى المسلمين: شريعة بيضاء نقية ظاهرها كباطنها، لا يحيدُ عنها إلّا فاجر.
حتى إذا انفض الحجيج، وخلت عرفةُ من جموع الداعين والباكين والمبتهلين، رأيتَ الكثير من أولئك الذين شهدوا تلك المعالم، وورثوا أمانة الحق عملًا به، ودعوةً إليه، معرضين عن كتاب الله وشرعه، يلهثون وراء نظم الشيطان، يُحلُّوْن ما حرَّم الله، ويغيّرون أحكام الله، قد انحط كل منهم في شؤون دنياه ومصالحها، يرى غربة الإسلام بين أهله، وكيد الأعداء لأحكامه، وللمخلصين من دعاته، فلا تهزه الحميَّةُ لِاتّباع رسول الله ﷺ في شيء من الجهد الذي بذل، أو الإيذاء الذي تحمل، ولا يحسّ أن في عنقه أمانةً وأنَّ في ذمته بيعةً، ولم يعد يذكر أنَّ عرفة شهدت على هذه الأمانة، وأنّ العقبة أخضعته لأحكام تلك البيعة. وماتت ألفاظ التلبية لله ﷿ على الشفاه ... وعادت مجرد صيحات في تجاويف الأفواه! ! .
ألا يا عباد الله! أين هذا الواقع المرير من الحج المبرور الذي وصفه رسول الله ﷺ؟
يا قارئي الكريم. أما الحديث والكلام فقد أُنفق منه لعلاج هذا البلاء الذي وصفته لك، ما لو كان للكلام نهاية لانتهى الكلام منذ حين. لم يبقَ من علاج إلّا صدق الالتجاء إلى رحاب الله. قد لا نملك إصلاح هذا السوء في حياتنا، ولكننا نملك الذلَّ لله ﷿ في نفوسنا.
أقْبِلْ إلى الله وأنت أشعث أغبر - فإنما الحاج أشعث أغبر كما قال رسول الله ﷺ - وتعلّقْ في كل مشهد من مشاهد الحج بأذيال كرمه ورحمته، ذليلًا متبتلًا. فإن لم تستشعر في نفسك ضراعةَ الذل، فابحث حول بيت الله أو في ربا عرفات عن ذي طمرين باليين،
1 / 41