The Description of the Island of al-Andalus
صفة جزيرة الأندلس
ناشر
دار الجيل
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م
محل انتشار
بيروت - لبنان
ژانرها
ثم جهزوا بعده جيشًا آخر إلى بياسة، قدموا عليه عثمان بن أبي حفص، فسار حتى بلغ قبلى بياسة، خلف النهر الكبير، على خمسة أميال من بياسة، فبرز إليهم دون المائة من فرسان عبد الله صاحب بياسة، ومن الروم الذين معه؛ فلما رأوهم انهزموا، وولوا الأدبار، ولم يجتمع منهم أحد؛ وبقى صاحب بياسة ببلده، ولا أحد يرومه، إلى أن تملك قرطبة ومالقة وغيرهما؛ وكاد يستولى على الأمر لو ساعده القدر، وخرج فأوقع بأهل إشبيلية بفحص القصر سنة٦٢٢، وقتل منهم نحوًا من ألفي رجل، وانصرف عنها مكسورًا مفلولًا.
وقد كان أدخل الروم قصبة بياسة وأسكنهم فيها، والمسلمون معهم في سائر المدينة، وكان دفعه القصبة إليهم على سبيل الرهن في مال كان تعين لهم عليه؛ فبقوا في القصبة ساكنين، والمسلمون في البلد يداخلونهم ويعاملونهم، وهو إذ ذاك في قرطبة مقيم؛ فلما غزا إشبيلية وانصرف عنه مفلولًا مكسورًا، ثار به أهل قرطبة؛ إذ توهموا أنه يريد إدخال النصارى مدينتهم، فخرج عنهم فارًا إلى الحصن المدور فأقام هناك، وبقيت قصبة بياسة بيد الروم وغلق الرهن، وأحب أهل بياسة إخراج الروم عن قصبتهم، فداخلوا صاحب جيان عمر بن عيسى بن أبي حفص بن يحيى، وسألوه المسير إليهم في جموعه، فجاءهم بحشوده ومعه محمد بن يوسف المسكدالي، فدخلوا بياسة، وأما من كان بالقصبة من الروم فلم ينالوا شيئًا، وأما من كان منهم بالمدينة فأتى عليها القتل بعد أن أبلوا في الدفاع، إلا أنهم غلبوا بالكثرة، وبقي أهل القصبة لا يستطيع أحد الوصول إليهم لحصانتها، ولو أراد الله تعالى لوفق هذا الوالي المقام؛ فإن أهل
1 / 58