في الضحك والبكاء
قال الشاعر بيرون:
المرء أرجوحة بين البكاء والضحك
وإنما المرء ضحكة ودمعة، والحياة دمعتان، دمعة تراق عند البكاء، ودمعة تراق عند الضحك، والعاقل من جعل حياته ضحكة واحدة أو دمعة واحدة يريقها عند الضحك ويضن بها على البكاء، فيسكن البيت الضاحك المشمس، ويرغب في الصديق الضاحك.
الضحك عدو الهم، وكما أن القنبلة تبعث الوجل في قلب الجيش؛ كذلك الضحكات تفزع الهموم.
وأوجع البكاء بكاء الرجل. أما بكاء الغلام فقد لا يحز في قلبه، فإنه دامع العين ضاحك القلب. حدثني صديق قال: «بكيت مرة وأنا صغير، ولكني كنت مشغولا عن بكائي بالتفكير في غير شيء، ولقد بلغ بي ذلك التفكير الطائش منزلة لم أكن أعرف فيها أني أبكي.» أما الرجل فإنه إذا بكت عينه بكت عواطفه وبكى قلبه.
كل شيء في الوجود يضحك، فالرعد يضحك، والريح الهوجاء إذا أتت ضحكت، والخرير يضحك، والضوء يضحك، واللون يضحك، والحسن يضحك، والصديق يضحك، والزهر يضحك ، والربيع يضحك، فقد قال البحتري:
وجاء الربيع الطلق يختال ضاحكا
من الحسن حتى كاد أن يتكلما
والمشيب يضحك، فقد قال دعبل:
صفحه نامشخص