408

تيسير التفسير

تيسير التفسير

ژانرها

، فسر به بعضهم قوله: فتحنا عليهم أبواب كل شئ، ولم ير بعضهم أن ذلك مرفوع بل موقوف على صحابى أو تابعى، قال عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" إذا رأيت الله يعطى العبد ما يحب وهو مقيم على معصيته، فإن ذلك منه استدراج "

، ثم تلا: فلما نسوا ما ذكروا به: الآيتين، رواه أحمد والطبرانى والبيهقى فى شعب الإيمان، قال الحسن البصرى: مكر بالقوم ورب الكعبة، اعطوا حاجتهم ثم أخذوا، وقال أيضا: من وسع عليه فلم ير أنه يمكر به، أى فلم يظن، فلا رأى له، ومن قتر عليه فلم ير أنه ينظر له، أى فى الصلاح، فلا رأى له، ثم قرأ الآية والحديث: مكر بالقوم إلخ. وعن عمر رضى الله عنه: من وسع عليه فى دنياه ولم يعلم أنه مكر به فهو مخدع عن عقله، أى وهو مقيم على المعاصى، أو أريد بمن هذا المقيم.

[6.45]

{ فقطع دابر القوم الذين ظلموا } أى فقطع دابرهم، فوضع الظاهر موضع المضمر، ليذكر الظلم الموجب لقطع دابرهم وهو آخرهم أى استؤصلوا بالعذاب جميعا، فذكر الدابر كناية عن التعميم، حتى أن العذاب وصل إلى آخرهم، ودابر كل شئ الجزء الأخير منه، ويطلق أيضا على الأصل كما فسر به الأصمعى الآية ونحوها { والحمد لله رب العالمين } حمد الله نفسه على نصرة الرسل وإهلاك أعدائهم وهم أعداؤه، فإن إهلاكهم نعمة عظيمة فيها تخليص أهل الأرض من زيغهم والاقتداء بهم، وما يترتب عيه من مضرة الدنيا والآخرة، وفيها إظهار حجة الرسل، وفى ذلك تعليم لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والمسلمين أن يحمدوا الله على إهلاك أعدائهم إذا أهلكهم، والإخلال بالشرع يوجب الهرج والمرج، والرب بمعنى المنعم وإن أريد معنى المالك فالمعنى الحمد لله الملك القهار الذى له الكبرياء والعظمة والتصرف فى ملكه كيف شاء.

[6.46]

{ قل } يا محمد { أرأيتم } أيها المشركون { إن أخذ الله سمعكم } أصمكم { وأبصاركم } أعماكم { وختم على قلوبكم } غطى عليها حتى لا تفهم، أى أرأيتم سمعكم وأبصاركم وعقلكم، إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم، أى إن أخذها، ولكن لما حذف مرجع الضمير من أول الكلام أظهر، والمفعول الثانى معلق عنه بالاستفهام هو مجموع قوله { من إله } من الآلهة المتعددة على زعمكم { غير الله يأتيكم به } أى بما ذكر من السمع والبصر والعقل، أو بما ذكر من مأخوذ أو مختوم عليه أو بواحد منهن لا على التعيين، كأنه قيل: إن أزال منافع أشراف أعضائكم القوة السامعة والقوة الباصرة والحياة والفهم فمن يردها غير الله، فهو وحده المستحق للعبادة، وذلك كما يعود اسم الإشارة المفرد إلى الجماعة بتأويل ما ذكر، وأولى من هذا أن الهاء عائد إلى واحد بأن يفرد الخطاب لكل إنسان على حدة، كأنه قيل من يأتى كل واحد منكم بسمعه، ومن يأتيه ببصره، ويجوز أن يتنازع رأيتم وأخذ فى سمعكم وأبصاركم، وقرن رأى هنالك بالكاف لا هنا لأن التهديد هنالك أعظم، وقيل للاكتفاء بما قبله وما بعده، وقيل صاروا بسلب تلك المشاعر كمن لا يحس فهم كمن لا يخاطب، وجملة يأتيكم نعت إله كغير، كما أنه كرر قل على طريق الاهتمام بشأن المقول، ولم يعطف لبيان أنه مستقل بحياله، وقدم السمع، قيل لأنه أجل من نعمة البصر وقدما على ختم القلوب لأنهما ظاهران، ولأنهما آلتان لفهم القلوب طريقان إليها، فأخذها سد لبابها، فمن ولد أعمى أصم، وبلغ سن التكليف لم يكلف عندنا، وقال بعض الحنية قد يكلف ، وإن الإدراك لا يتوقف عليهما، وقدم القلوب فى بعض المواضع لأن القلب ملك الأعضاء تصلح وتفسد به، والمراد بالقلب نفس القلب لأنه أنسب بالختم لا فهمه، وعبر بالأخذ لا بالإصمام والإعماء لأن ما أخذه الله لا مرسل له من بعده، وقيل: الختم تفسير للأخذ { انظر كيف نصرف } فى هذه السورة أو مطلقا { الآيات } نكررها على أنحاء مختلفة كل تقوى الأخرى، كتصريف الرياح شمالا وصبا، فتذكر من جهة المقدمة العقلية، كقوله تعالى:

وما من دابة

[هود: 6] إلخ..ومن جهة الترغيب والترهيب كقوله تعالى:

من يشإ الله يضلله

صفحه نامشخص