غفلوا عما تحته من التناقض " (1) يعنى أن العمل بما مر من الأخبار مع غيرها مطلقا موجب للتناقض لوضوح أن العمل بغيرها إنما يتم مع الإعراض عن هذه وإلا فهي تنهى عن العمل.
ثم إنك قد عرفت أنه لا خلاف في حصول التميز بالرجال وحصوله بغيره كليا غير ثابت بعد ما يأتي في تضعيف دعواه فلا بد من الرجوع إليه في امتثال النواهي المزبورة (مع أوامره العلم بها) (2).
خامسها: الأخبار العلاجية المشتملة على الرجوع عند التعارض إلى الأعدل والأورع والأفقه. (3) وهذه الصفات لا يعلم ثبوتها في الرواة إلا بملاحظة الرجال لفقد المعاشرة معهم وانتفاء الشهادة اللفظية عليها فيهم، فانحصر في الكتبية الموجودة في الرجال وإن لم نقل بكونها من باب الشهادة الشرعية.
والترجيح بالشهرة وموافقة القرآن ونحوهما مما لا مدخل للرجال فيه لا يغنى عن الأول وإلا لما أمر (4) بالجميع كيف! وهي أحد أسباب الترجيح ولا ترجيح لها على غيرها فتحمل الأخبار على تعيين كل في طائفة أو عند تعذر الآخر أو التخيير.
وليس الأمر هنا كما سبق في تخيير سبب معرفة المعتبر لعدم سبق أحد الأمرين على الآخر فالافتقار إلى الرجال في عرض الافتقار إلى الخارج فثبت الافتقار في الجملة إلا أنا بصدد الحصر ولو في الجملة.
فنقول: من المعلوم عدم جريان الترجيح الأخير في جميع الأخبار المتعارضة وحينئذ يتعين غيره كما يتعين كل مخبر عند تعذر غيره.
ولنكتف في هذا المقام بهذا المقدار لأن ما في المقام الثاني يدل على هذا المرام وزيادة وإن كان بعض الوجوه المزبورة بل جميعها - ولو بضم الإجماع المركب ممن
صفحه ۳۹